العُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، وَرَّثُوا العِلْمَ، مَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ» وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ} [فاطر: 28] وَقَالَ: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا العَالِمُونَ} [العنكبوت: 43] {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10] وَقَالَ: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[الأحزاب:1] أو الترقي بالتأمل في دلائل التوحيد.
وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه واحدُ (1)
(وإن العلماء هم ورثة الأنبياء) وإن: بالكسر. هذا حديثٌ رواه أبو داود والترمذي والإمام أحمد (2) أدخله في الترجمة دلالة على فضل العلم (ورّثوا العلم) بالتشديد أي: ليس المراد وراثة المال كما هو المتعارف (من أخَذَه أَخَذَ بحظٍ وافرٍ) لأنه سببٌ لسعادة الدارين، وأيّ حظ وافر منه. وإن كنتَ في ريب فتأمل في قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} [آل عمران: 18] (ومن سَلَكَ طريقًا يطلب به علمًا سَهَّل اللهُ له طريقًا إلى الجنة) أي: نوعًا من العلوم الشرعية، أو ما يتوقف معرفتها عليه كعلم العربية ({إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]) استُدلّ بحصر الخشية في العلماء على فضل العلم، لأن نتيجته الخشية من الله تعالى، وقد قال تعالى: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] والمراد بها: الخشية الكاملة {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: 43]) الضمير: للأمثال المتقدمة، ودلالته على فضل العلم ظاهرة. {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)} [الملك: 10]، أي: لو كنا نعلم ونعقل الآيات والنذر؛ إذ لا شك أنهم كانوا أعقل الناس بأمور الدنيا، وناهيك بفعل شيء يمنع عن الدخول في زُمرة الأشقياء أصحاب السعير. وقال: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] الاستفهام للإنكار أي: لا مساواة بين الطائفتين بوزن، وهذا الحكم دمان كان معلومًا لكل واحد، ولكن سيق الكلام حَثًّا للجاهل على التعلّم، فليس المراد بالإخبار فائدة ولا لازمها.