1400 - فَقَالَ وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِى عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ. أطرافه 1456، 6925، 7285
(فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
واعلم أن الخطابي وغيره عدّوا هذا الحديث مشكلًا، لأن التفرقة بين الصلاة والزكاة دلت على أنهم كانوا مؤمنين، غايته أنهم كانوا مؤولين، وقالوا إنما كان يجب دفع الزكاة إلى من تكون صلاته سكنًا لهم.
قلت: هذا الذي عدّوه مشكلًا ليس بمشكل؛ لأن الزكاة أحد أركان الإسلام، ومن أنكر ركنًا من أركان الإسلام يكفر، وأما قولهم: إنما كان يجب علينا دفعه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن صلاته كانت سكنًا لنا، فلا اعتبار به؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أرسل لأخذ الصدقات إلى جميع الأقطار، فليس الأداء إليه واجبًا، ولا الدعاء واجب على أخذ الصدقة، وهذا كان معروفًا بين الصحابة.
فإن قلت: غاية الأمر أنهم كانوا مرتدين، فكيف سبى ذراريهم وولد المرتد لا يُسبى إجماعًا؟ قلت: كان ذلك اجتهادًا منه، ووافق اجتهاد بعض الصحابة؛ ولذلك أخذ عليّ خولة الحنفية من ذلك السبي، ومنها ولده محمد بن الحنفية، ثم انعقد الإجماع على خلافه، وما يقال: إن من فرق بين الزكاة والصلاة اليوم يكفر لظهور شعائر الإسلام، وتقرر الأحكام؛ بخلاف ذلك الزمان، فليس بشيء، إذ كان هذا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذه الزكوات من كل قطر.
فإن قلت: كيف قلد عُمر أبا بكر مع أن المجتهد لا يجوز له التقليد؟ قلت: لم يقلده بل وافق اجتهاده اجتهاد الصديق بعد التأمل في الدليل الذي أقامه الصديق، وفي الحديث دلالة ظاهرة على وفور علم الصديق، وكمال رسوخ قدمه.
باب البيعة على إيتاء الزكاة
{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ} [التوبة: 11]) ترتيب الأخوة على هذه الجملة يدل على انتفائها بانتفاء كل واحد.