اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّى. ثُمَّ انْطَلَقَ بِى حَتَّى انْتَهَى بِى إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لاَ أَدْرِى مَا هِىَ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا حَبَايِلُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ربي. فإن قلت ألم يبدل القول لديه حيث جعل الخمسين خمساً. قلت معناه لا تبدل الإخبارات مثل أن ثواب الخمس خمسون لا التكليفات أولا يبدل القضاء المبرم لا القضاء المعلق الذي يمحو الله ما يشاء ويثبت منه أو معناه لا يبدل القول بعد ذلك. فإن قلت كيف كانت مراجعة الرسولين إلى الرب. قلت إما أنهما عرفا أن الأمر الأول غير واجب على سبيل القطع والإبرام وإما أنهما طلبا ترحمه على عباده بنسخها. قوله (السدرة) أي الشجرة التي في أعلى السموات وسميت بالمنتهى لأن علم الملائكة ينتهي إليها ولم يجاوزها أحد إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولهذا قيل أن لنبينا - صلى الله عليه وسلم - مقامين لم يعطاهما الخلائق كلهم إحداهما في الدنيا ليلة المعراج وثانيهما في العقبى وهو المقام المحمود وحكى ابن مسعود أنها سميت بها لكونها ينتهي إليها ما يهبط من فوقها وما يصعد من تحتها من أمر الله تعلى فإن قلت في صحيح مسلم أنها في السماء السادسة فلا تكون في أعلى السموات كلها. قلت يمكن أن يكون أصلها في السادسة ومعظمها في السابعة فوق الكل. قوله (لا أدري ما هي) هو كقوله تعالى: "إذ يغشى السدرة ما يغشى" في أن الإبهام للتفخيم والتهويل وإن كان معلوماً. قوله (حبايل) جمع الحبالة بالحاء المهملة وبالموحدة أي عقود اللؤلؤ. قال الخطابي وغيره: إنه تصحيف والصواب جُنابذ (?) جمع الجُنبذ بضم الجيم وسكون النون وبالموحدة المضمومة وبالمنقطة ما ارتفع من الشئ واستدار كالقبة والعامة تقول بفتح الموحدة والظاهر أنه فارسي معرب. قال ابن بطال: أجمعوا على أن فرض الصلاة كان في الإسراء. وقال ابن إسحق: ثم أن جبريل أتى فهمز بعقبه في ناحية الوادي فانفجرت عين ماء فتوضأ جبريل ومحمد ينظر فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ بيد خديجة ثم أتى بها العين فتوضأ كما توضأ جبريل ثم صلى هو وخديجة ركعتين كما صلى جبريل. وقال نافع ابن جبير أصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء فنزل جبريل حين زاغت الشمس فصلى به. وقال جماعة لم تكن صلاة مفروضة قبله إلا ما كان أمر به من قيام الليل من غير تحديد ركعات ووقت محصور وكان يقوم أدنى من ثلثيه ونصفه وثلثه. وقال وفيه من الفقه أن أمور الله تعالى المعظمة لا بأس بتحليتها واستعمال الذهب فيها ألا ترى أنه أبيح تحلية المصحف والسيف الذي به إعلاء الكلمة والخاتم الذي به تطبع عهود الله ورسله النافذة إلى أقطار الأرض وفيه أن أرواح المؤمنين يصعد بها إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015