أن لا نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فلما قَاَل مَا قَال
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الكلمة. قوله: (أن لا نعبد إلا الله) إلى قوله: (من دون الله) قال النووي: اعلم أن هذه القطعة مشتملة على جمل من القواعد ومهمات الفوائد منها جواز مكاتبة الكفار ومنها دعاء الكفار إلى الإسلام قبل قتالهم وهذا مأمور به فإن لم تكن بلغتهم دعوة الإسلام كان الأمر به واجباً وإن كانت بلغتهم كان مستحباً فلو قوتل هو قبل إنذارهم ودعائهم إلى الإسلام جاز لكن فاتت السنة والفضيلة بخلاف الضرب الأول ومنها وجوب العمل بخبر الواحد وإلا فلم يكن في بعثه مع دحية فائدة وهذا إجماع من يعتد به ومنها استحباب تصدير الكتب ببسم الله الرحمن الرحيم وإن كان المبعوث إليه كافراً ومنها أن قوله: صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم" المراد بحمد الله فيه ذكر الله تعالى كما جاء في رواية أخرى فإنه روى على أوجه منها لا يبدأ فيه بذكر الله ومنها ببسم الله الرحمن الرحيم ومنها غير ذلك وهذا الكتاب كان ذا بال من المهمات العظام ولم يبدأ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ الحمد لله وبدأ بالبسملة ومنها أنه يجوز أن يسافر إلى أرض الكفار ويبعث إليهم بالآية من القرآن أي بكلمة أو بجملة منه وذلك أيضاً محمول على ما إذا خيف وقوعه في أيدي الكفار ومنها أنه يجوز للمحدث والكافر مس كتاب فيه آية أو آيات يسيرة من القرآن مع غير القرآن ومنها أن السنة في المكاتبة والرسائل بين الناس أن يبدأ الكتاب بنفسه فيقول من زيد إلى عمرو وعن الربيع بن أنس قال ما كان أحد أعظم حرمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أصحابه يكتبون إليه فيبدءون بأنفسهم وهذا هو المذهب الصحيح ورخص جماعة من العلماء في الابتداء بالمكتوب إليه وروي أن زيد بن ثابت كتب إلى معاوية فبدأ باسم معاوية ومنها أنه لا بد من استعمال الورع في الكتابة فلا يفرط ولا يفرط ولهذا قال إلى هرقل عظيم الروم ومنها استحباب البلاغة والإيجاز وتحري الألفاظ الجزلة في المكاتبة فإن قوله: أسلم تسلم في نهاية الاختصار والبلاغة وجمع المعنى مع ما فيه من بديع التجنيس ومنها أن من أدرك من أهل الكتاب نبينا صلى الله عليه وسلم فآمن به له أجران ومنها أن صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلاماته كان معلوماً لأهل الكتاب علماً قطعياً وإنما ترك الإيمان من تركه عناداً وخوفاً على فوات مناصبهم ومنها أن من كان سبباً لضلالة أو منع هداية كان آثماً ومنها استحباب استعمال أما بعد في الخطب والمكاتبات ونحوها. قوله: (فلما قال) أي هرقل