وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى، إِنَّمَا هِىَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً، وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقِهَ فِى دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِى اللَّهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَاساً، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أمسكت. قوله (الكلأ) بالهمز وهو النبات يابساً ورضا وأما (العشب) والخلا مقصور فمختصان بالرطب والحشيش مختص باليابس وعطف العشب على الكلأ من باب عطف الخاص على العام والتخصيص بالذكر لفائدة الاهتمام به لشرفه ونحوه. قوله (أجادب) بالجيم والدال المهملة هي الأرض التي لا تنبت كلأ. وقال الخطابي: هي الأرض التي لا تمسك الماء فلا يسرع فيها النضوب وقالوا هو جمع جدب الذي هو القحط قال وقال بعضهم أحارب بالحاء المهملة والراء وبعضهم بها والدال وليس بشيء وبعضهم أجارد بالجيم والراء والمهملة قال وهو صحيح المعنى أن ساعدته الرواية والأجارد ما لا ينبت الكلأ معناه أنها جرداء بارزة لا يسترها النبات وبعضهم أخاذات بالخاء المعجمة والذال كذلك وبالألف والمثناة جمع إخاذة بكسر الهمزة وهي الغدير الذي يمسك الماء وقال صاحب المطالع هذه كلها مقبولة مروية. قوله (سقوا) قال أهل اللغة سقي وأسقي بمعنى لغتان وقيل سقاه ناوله ليشرب وأسقاه جعل له سقيا. قوله (زرعوا) وقع بدله في صحيح مسلم رعوا من الرعي. قوله (طائفة) أي قطعة أخرى من الأرض. و (القيعان) بكسر القاف جمع القاع وهي الأرض المستوية وقيل الملساء وقيل التي لا نبات فيها وهذا هو المراد في الحديث. قوله (فقه) الفقه الفهم يقال فقه بكسر القاف يفقه كفرح يفرح وأما الفقه الشرعي فقالوا يقال منه فقه بضم القاف وقال ابن دريد بكسرها كالأول والمراد هنا هذا الثاني فتضم القاف على المشهور وعلى قول الدريدي تكسر وقد روى بالوجهين والمشهور الضم. قوله (من لم يرفع بذلك رأساً) يعني تكبر يقال ذلك ويراد به أنه لم يلتفت إليه من غاية تكبره. قوله (هدى الله) اكتفى بذكر الهدى عن ذكر العلم لأن نفى قبوله مستلزم لنفي قبول العلم قيل إنما اختار الغيث من بين سائر أسماء المطر ليؤذن باضطرار الخلق