اللَّهُ مَالاً فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِى الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ، فَهْوَ يَقْضِى بِهَا وَيُعَلِّمُهَا»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وكما رخص في نوع من الكذب لتضمن فائدة هي فوق آفة الكذب وإن كان جملة محظورا وأقول ويحتمل أن يكون من قبيل قوله تعالى: «لا يذوقون فيها إلا الموتة الأولي» أي لا حسد إلا في هذين الإثنين وفيهما لا حسد أيضا فلا حسد أصلا. قوله: (رجل) هو مجرور بأنه بدل فإن قلت قد روي اثنتين بالتأنيث فما إعرابه علي تلك الرواية. قلت بدل أيضا علي تقدير حذف المضاف أي خصلة رجل لأن الإثنتين معناه خصلتين قوله (هلكته) بفتح اللام أي هلاكه وفي هذه العبارة مبالغتان إحداهما التسليط فإنه يدل علي الغلبة وقهر النفس المجبولة علي الشح البالغ وثانيهما لفظ علي هلكته فإنه يدل علي أنه لا يبقي من المال باقيا ولما أوهم اللفظان التبذير وهو صرف المال فيما لا ينبغي كمله بقوله في الحق دفعا لذلك ز كذا القرينة الأخري اشتملت علي مبالغتين إحداهما الحكمة فإنها تدل علي علم دقيق محكم والثانية القضاء بين الناس وتعليمهم فإنهما من خلافة النبوة ثم إن لفظ الحكمة إشارة إلي الكمال العلي ويقضي إلي الكمال العملي وبكليهما إلي التكميل واعلم أن الفضيلة إما داخلية وإما خارجية وأصل الفضائل الداخلية العلم وأصل الفضائل الخارجية المال ثم الفضائل إما تامة وإما فوق التامة والأخري أفضل من الأولي لأنهما مكملة متعدية وهذه قاصرة غير متعدية. فإن قلت لم نكّر مالا وعرف الحكمة. قلت لان الحكمة المراد منها معرفة الأشياء التي جاء الشر عبها أي الشريعة فأراد التعريف بلام العهد بخلاف المال ولهذا يدخل صاحبه بأي قدر من المال أهلكه في الحق تحت هذا الحكم. قال ابن بطال: وفيه من الفقه أن الغني إذا قام بشروط المال وفعل فيه ما يرضي ربه فهو أفضل من الفقير الذي لا يقدر علي مثل حاله (باب ما ذكر في ذهاب موسي في البحر إلي الخضر عليهما السلام وقوله تعالي «هل أتبعك علي لأن تعلمني مما علمت» الآية) الخضر بفتح الخاء وكسر الضاد ويجوز إسكان الضاد مع كسر الخاء وفتحها كما جاء في نظائره وسبب التلقيب به ما جاء في الصحيح في كتاب الأنبياء أن النبي صلي الله عليه وسلم قال إنما الخضر خضرا لأنه علي فروة بيضاء فإذا هي تهتز من خلفه خضراء والفروة