قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَاتِىَ أَمْرُ اللَّهِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تزال) الفرق بين زال وزال يزول أن الأول من الأفعال الناقصة ويلزمه النفي بخلاف الثاني قوله (علي أسر الله) أي علي الدين الحق. و (حتي يأتي أمر الله) أي القيامة وإنما فسرنا هما بذلك لأن الظاهر بحسب السياق يقتضي ذلك. فإن قلت حتي يأتي أمر الله غاية لماذا. لقوله لن تزال. فإن قلت حكم ما بعد الغاية مخالف لما قبلها فيلزم منه أن يوم القيامة لا تكون هذه الأمة علي الحق وهو باطل قلت ليس باطلا إذ المراد من الدين الحق التكاليف ويوم القيامة ليس زمان التكليف ويقال ليس المقصود منه الغاية بل هو مذكور لتأكيد التأييد نحو قوله تعالي «م دامت السماوات والأرض» فإن قلت أيحتمل أن يكون غاية لقوله لا يضرهم بل هو أولي لأنه أقرب. قلت نعم وذلك إما أن يكون معني يأتي أمر الله يأتي بلاء الله فيضرهم حينئذ فما بعدها مخالف لما قبلها وإما أن يكون ذكره لتأكيد عدم المضرة كأنه قال لا يضرهم من خالفهم أبدا وعبر عنه بقوله إلي يوم القيامة أو هو كقوله تعالي «لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولي» يعني لا يضرهم إلا يوم القيامة ولما لم تكن المضرة يوم القيامة فكأنه قال لا يضرهم أصلا. فإن قلت إذا جاء الدجال مثلا وقتلهم فقد ضرهم. قلت علي تفسيره ببلاء الله ذلك ظاهر وعلي تفسيره بيوم القيامة يقال ذلك ليس مضرة إذ الشهادة أعظم المنافع من جهة الآخرة. فإن قلت فهل جاز تنازع الفعلين في حتي فتتعلق بهما. قلت لا محذور فيه فأن قلت هل فرق بين حتي يأتي أمر الله وبين إلي أن يأتي أمر الله. قلت الفرق أن مجرور حتي يجب أن يكون آخر جزء من الشيء أو ما يلاقي آخر جزء منه. قال في الكشاف في قوله تعالي «لو أنهم صبروا حتي تخرج إليهم» الفرق بينهما أن حتي مختصة بالغاية المضروبة أي المعينة تقول أكلت السمكة حتي رأسها ولو قلت حتي نصفها أو صدرها لم يجز وإلي عامة في كل. غاية فإن قلت هل فيه دلالة علي حجية الإجماع. قلت نعم لأن مفهومه أن الحق لا يعدو الأمّة وقد استدل بعض العلماء به علي امتناع خلو العصر عن المجتهد. قال ابن بطال: وفي الحديث فضل العلماء علي سائر الناس وفضل الفقه في الدين علي سائر العلوم وإنما ثبت فضله لأنه يقود إلي خشية الله والتزام طاعته. قوله (إنما أنا قاسم) بدل علي أنه لم يستأثر من مال الله تعالي بشيء دونهم وكذلك قوله صلي الله عليه وسلم مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود فيكم وإنما قال قاسم تطييبا لنفوسهم لمفاضلته في العطاء ومعني (والله يعطي) والله يعطيكم ما أقسمه عليكم لا أنا فمن قسمت له قليلا فذلك بقدر الله له ومن قسمت له كثيرا فبقدره أيضا ويريد ولن تزال هذه الأمة أن أمته أخر الأمم وأن عليها تقوم