اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِى، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الأُمَّةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فلان. قوله (يرد الله) بضم الياء مشتق من الإرادة وهي عند الجمهور صفة مخصصة لأحد طرفي المقدور بالوقوع وقيل إعتقاد النفع أو الضرر وقيل هي ميل يتبعه الإعتقاد وهذا لا يصح في الإرادة القديمة. قوله (خيرا) أي منفعة وهي اللذة أو ما يكون وسيلة إلي اللذة. فأن قلت هل في تنكيره فائدة. قلت فائدته التعميم لأن النكرة في سياق الشرط كالنكرة في سياق النفي فالمعني فمن يرد الله به جميع الخيرات أو التعظيم إذ المقام يقتضي ذلك نحو له حاجب عن كل أمر يشينه قوله (يفقه) أي يجعله فقيها والفقه لغة الفهم وعرفا العلم بالأحكام الشرعية الفرعية المكتسب عن أدلتها التفصيلية بالإستدلال. فإن قلت أي المعنيين يناسب المقام. قلت المعني اللغوي ليتناول فهم كل علم من علوم الدين وقال الحسن البصري: الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة البصير بأمور دينه المداوم علي عبادة ربه. قوله (إنما أنا قاسم) أي أنل قاسم بينكم فألقي إلي كل واحد ما يليق به والله تعالي يرفق من يشاء منكم لفهمه والتفكر في معناه. قال التوربشتي: اعلم أن النبي صلي الله عليه وسلم أخبر أصحابه أنه لم يفصل في قسمة ما يوحي إليه أحدا من أمته علي الآخر بل سوي في البلاغ وعدل في القسمة وإنما التفاوت في الفهم وهو واقع بطريق العطاء ولقد كان بعض الصحابة يسمع الحديث فلا يفهم منه إلا الظاهر الجلي ويسمعه آخر منهم أو من بعدهم فيستنبط منه مسائل كثيرة وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. تم كلامه فإن قلت إنما مفيد للحصر فمعناه ما أنا إلا قاسم وكيف يصح وله صفات أخري مثل كونه رسولا ومبشرا ونذيرا. قلت الحصر إنما هو بالنسبة إلي اعتقاد السامع وهذا ورد في مقام كان السامع معتقدا كونه معطيا فلا ينفي إلا ما اعتقده السامع لا كل صفة من الصفات وحينئذ 'ن اعتقد أنه معط لا قاسم فيكون من باب قصر القلب أي ما أنا إلا قاسم أي لا معط وإن اعتقد أنه قاسم ومعط أيضا فبكون من قصر الأفراد أي لا شركة في الوصفين بل أنل قاسم فقط. قوله تعالي (والله يعطي) تقديم لفظ الله عليه مفيد للتقوية عند السكاكي ولا يحتمل التخصيص أي الله يعطي لا محالة وأما عند الزمخشري فيحتمله أيضا وحينئذ يكون معناه الله يعطي لا غيره. فإن قلت هل يصح أن يكون والله يعطي جملة حالية. قلت نعم فإن قلت فما معني الحصر حينئذ. قلت الحصر بإنما دائما هو في الجزء الأخير فيكون معناه ما أنا قاسم إلا في حال أعطاه الله لا في حال غيره وأما فائدة حذف مفعول يعطي فهو جعله كالفعل اللازم إعلاما بأن المقصود منه بيان إيجاد هذه الحقيقة أي حقيقة الإعطاء لا بيان المفعول أي المعطي. قوله: (ولن