عَلَى هَذِهِ وَأَشَارَ إِلَى قَفَاهُ ثُمَّ ظَنَنْتُ أَنِّى أُنْفِذُ كَلِمَةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ تُجِيزُوا عَلَىَّ لأَنْفَذْتُهَاوَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (كُونُوا رَبَّانِيِّينَ) حُكَمَاءَ فُقَهَاءَ. وَيُقَالُ الرَّبَّانِىُّ الَّذِى يُرَبِّى النَّاسَ بِصِغَارِ الْعِلْمِ قَبْلَ كِبَارِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
التعلم والتعليم فيفهم منه أن العلم لا يطلق إلا علي علم الشريعة ولهذا لو أوصي رجل للعلماء لا يصرف إلا علي أصحاب الحديث والتفسير والفقه وهذا يحتمل أن يكون من كلام البخاري. قوله (أبو ذر) بتشديد الراء هو الصحابي الجليل جندب بن جنادة بضم الجيم فيهما القرشي الغفاري اسم وهو رابع أربعة وحديث إسلامه وإقامته عند زمزم مشهور يروي مائتي حديث وواحدا وثمانين. روي البخاري عنه أربعة عشر حديثا ومر ذكره في باب المعاصي من أمر الجاهلية. قوله (الصمصامة) الجوهري: الصمصام والصمصامة السيف الصارم الذي لا ينثني و (هذه) هي إشارة إلي القفا والقفا مؤخر العنق يذكر ويؤنث. و (أنفذ) بضم الهمزة والدال المنقطة أي ظننت أني أقدر علي إنفاذ كلمة أي تبليغها. و (تجيزوا) أي الصمصامة (علي) أي علي قفاي فإن قلت لو لامتناع الثاني لا امتناع الأول علي المشهور فمعناه انتفاء الإنفاذ لانتفاء الوضع وليس المعني عليه. قلت هو مثل لم لم يخف الله لم يعصه يعني يكون الحكم ثابتا علي تقدير النقيض بالطريق الأولي فالمراد أن الإنفاذ حاصل علي تقدير الوضع فعلي تقدير عدم الوضع حصوله أولي أو أن لو ههنا لمجرد الشرطية يعني حكما حكم أن من غير أن يلاحظ الامتناع وفيه بيان لفضيلة التعلم والتعليم. قوله (ربانيين) منسوب إلي الرب وأصله ربيون فزيد الألف والنون للتوكيد والمبالغة في النسبة وسموا ربانيين لأنهم منسوبون إلي الرب تعالي كأنهم لإخلاصهم أنفسهم لله تعالي وشدة قلقهم بربهم لا ينسون إلا إلي الرب أو لأنهم يربون العلم أي يقومون به يقال لكل من قام بإصلاح شيء وإتمامه قد ربه يربه. قوله: (حكماء) جمع حكيم والحكمة صحة القول والعقد والفعل وقيل الحكمة الفقه في الدين وقيل الحكمة معرفة الأشياء علي ما هي. و (الفقهاء) جمع الفقيه والفقه الفهم لغة والعلم بالأحكام الشرعية العملية اصطلاحا وفي بعضها حلماء جمع حليم باللام والحلم هو الطمأنينة عند الغضب وفي بعضها علماء وهو من باب ذكر الخاص بعد العام والظاهر أن حلماء فقهاء تفسير للربننيين. قوله (لصغار العلم قبل كباره) أي بجزئياته قبل كلياته وبفروعه قبل أصوله أو بمقدماته قبل مقاصده ولفظ ويقال هو من