فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ دَعْهُمَا فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا، وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِمَّا قَالَ تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ فَقُلْتُ نَعَمْ فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ خَدِّي عَلَى خَدِّهِ وَهُوَ يَقُولُ دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قَالَ حَسْبُكِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَاذْهَبِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إلى أن قام الإسلام مائة وعشرين سنة فألف الله بينهم بيمن قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة, قوله ((فانتهرني)) أي زجرني و ((المزمار)) بكسر الميم الصوت الذي فيه الصفير والهمزة قبلها مقدرة و ((خرجتا)) بدون الفاء بدل أو استئناف و ((سألت)) أي التمست رسول الله صلى الله عليه وسلم النظر إليهم, قوله ((خدي على خده)) جملة اسمية حالية, فإن قلت حقق لي هذه المسئلة فإن الزمخرشري في الكشاف تارة يجعلها حالا بدون الواو فصيحا وأخرى ضعيفا, قلت: إذا أمكن وضع مفرد مقامها استفصحه كقوله تعالى «اهبطوا بعضكم لبعض عدو» أي اهبطوا معادين وههنا أيضا ممكن إذ تقديره اقامني ملاصقين, قوله ((دونكم)) هو كلمة الإغراء بالشيء والمغري به محذوف أي ألزموا ما أنتم فيه وعليكم به و ((أرفدة)) بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح الفاء وكسرها والكسر أشهر وبإهمال الدال لقب لجنس من الحبشة يرقصون, قوله ((حسبك)) الاستفهام مقدر أي أحسبك والخبر محذوف أي أكافيك هذا القدر, الخطابي: كان الشعر الذي يغنيان به في وصف الحرب والشجاعة وما يجري في القتال وهو إذا صرف إلى معنى التحريض على قتال الكفار كان معونة في أمر الدين فلذلك رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وأما الغناء بذكر الفواحش والمجاهرة بالمنكر بالقول فهو المحظور من الغناء المسقط للمروءة وحاشاه أي يجري شيء منه بحضرته صلى الله عليه وسلم وفي الحديث رخصة بإعداد آلة القتال, قال ابن بطال: حمل السلاح يوم العيد لا مدخل له عند العلماء في سنة العيد ولا في هيئة الخروج إليه لكنه جائز عندهم, وأما لعب الحبشة فليس فيه أنه صلى الله عليه وسلم خرج به في العيد ولا أمر أصحابه بالتأهب به ولم يكن الحبشة له صلى الله