قال يحيى بن يوسف الصرصري- رحمه الله-:
إذا انقطعت أطماع عبد عن الورى ... تعلق بالرب الكريم رجاؤه
فأصبح حرًا عزة وقناعة ... على وجهه أنواره وضياؤه
وإن علقت بالخلق أطماع نفسه ... تباعد ما يرجو وطال هناؤه
ثم الورع- أيضًا- علي الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، وقطع المطامع من شيئين.
قال أبو الفرج بن الجوزي- رحمه الله-: من لم يقطع الطمع من الناس من شيئين لم يقدر علي الإنكار عليهم.
الأول: من لطف ينالونه به.
والثاني: من رضاهم عنه وثنائهم عليه. انتهي.
وقال أبو حامد الغزالي:
(من أبواب الشيطان الداخل منها إلي القلب الطمع فيما عند الناس فإنه إذا غلب علي القلب فإنه لم يزل الشيطان يحن التصنع والتزين لمن يطمع فيه بأنواع الرياء والتلبيس حتى يصير المطموع فيه كأنه معبود، فلا يزال يتفكر في حيلة التودد والتحبب إليه ويدخل كل مدخل للوصول إلي ذلك. وأقل أحواله الثناء عليه بما ليس فيه والمداهنة معه بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).
وأنشدوا:
إذا شئت أن تحيا عزيزًا فلا تكن ... علي حالة إلا رضيت بدونها
فمن طمع أن تكون قلوب الناس عليه طيبة، وألسنتهم بالثناء مطلقة، وصلاتهم له مشرقة، لم يتمكن من الأمر بالمعروف ولا من النهي عن المنكر لذلته وهوانه.
وأنشدوا:
يذل النفس من طمع لديه ... وفي الطمع المذلة للرقاب
قال شيخ مشايخنا عبد القادر الكيلاني- قدس الله روحه- يا غلام أنت أخو العزة، ما التحفت برداء القناعة، ومحبوب (الرب) ما التزمت بمفروض الطاعة.