وقال بعض الزهاد "للمنصور": (اذكر ليلة تمحض عن يوم القيامة لا ليلة بعدها. فأفحم المنصور) فأمر له بمال. فقال لو (تطلعت) إلي مالك ما وعظتك. وقال أكثم بن صيفي -رحمه الله_: ما يسرني أني مكفي من أمر الدنيا. قيل له: قال: أخاف عادة العجز.

وصدق- رحمه الله- لأن العاجز ذليل لا يمكن من إزالة المنكرات ولا من غيرها.

وقال بعض السلف: ينبغي أن يكون الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر نزيهًا عفيفًا معرضًا عما في أيدي الناس، لتقبل موعظته وتؤثر نصيحته، ويصير حرًا.

قال أبو العتاهية:

أطعت مطامعي فاستبعدتني ... ولو أني قنعت لكنت حرًا

قال الإمام أحمد -رحمه الله-: (سمعت محمد بن السماك يقول: الطمع غل في عنقك، وقيد في رجلك، فأخرج الغل من عنقك، يخرج القيد من رجلك).

(الغل- بضم الغين- طوق من حديد أو شبهه يجعل في العنق ويكسرها هو الحقد في القلب) والله أعلم.

وقال سفيان الثوري: ما وضع رجل يده في قصعة رجل إلا ذل له.

وأنشدوا:

لا تخضعن لمخلوق علي طمع ... فإن ذلك وهن منك في الدين

واسترزق الله في خزائنه ... فإنما الرزق بين الكاف والنون

وقال الجنيد: لا يكون العبد لله عبدًا حتى يكون مما سواه حرًا.

وقال أبو العباس: فإنه من أحب غير الله ورجاه أو خافه صار فيه عبودية له، فلا يكون عبدًا مخلصًا لله. انتهي.

قال بعض السلف: الحر عبد ما طمع والعبد حر ما قنع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015