أما العلم فليكن عالمًا بمواقع الأمر والنهي وحدوده، ومجاريه، ويقتصر علي حد الشرع فيه، ليدفع به جهل الجاهلين وإلا كان ما يفسده أكثر مما يصلحه.

وقد روي أبو محمد الخلال - بإسناده عن أسامه بن زيد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا ينبغي لأحد أن يأمر بالمعروف حتى يكون فيه ثلاث خصال: عالمًا بما يأمر عالمًا بما ينهي رفيقًا فيما يأمر ورفيقًا فيما ينهي).

فقد حلف أبو الفرج - بن الجوزي - في بعض مصنفاته - بالله العظيم - أما أحدًا أخطأه العلم إلا كان ما يفسد أكثر مما يصلح في دينه ودنياه، ولم يدعه الجهل يرشد إلي خير.

وجاء فضل العلم في غير ما وضع من القرآن الكريم، ومن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقد عد شيخ مشايخنا - عبد القادر الكيلاني - قدس الله روحه - أول شرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أن يكون الآمر عالمًا بما يأمر وبما ينهي.

وكذلك قال غيره.

قال ابن مفلح: فهذا يقتضي أنه لا إنكار إلا مع العلم.

وقال بعضهم: وإنما يدرك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعلم، لأن العلم يرشد إلي مواضع بذل المعروف، والفرق بينه وبين المنكر، وترتيبه في وضعه مواضعه، فلا يضع الغضب موضع الحلم وعكسه، ولا العجلة موضع الإناة والتؤدة وعكسه، بل يعرف مواقع الخير والشر ومراتبها وموضع كل خلق بابن آدم يضعه، وأين يحسن استعماله، فالعلم أكبر العون علي نيل كل مطلوب من خير الدنيا والآخرة. والآمر الناهي بغير علم مسددة عليه سبيل الهدي والفلاح، مغلقة عنه أبوابها، لأن العلم هو الركن الأعظم والسنن الأقوم. وأما الورع فهو التوقف في كل شيء وترك الإقدام إلا بإذن الشرع، فذلك العز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015