المدينة قال: كتب معاوية إلى عائشة- رضي الله عنها- أن اكتبي كتابًا توصيني فيه ولا تكثري علي. فكتبت إليه سلام عليك. أما بعد. فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول) من التمس رضا الله بسخط الناس، كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، وكله الله إلى الناس) والسلام عليك.
وفي رواية عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها كتبت إلى معاوية، فذكر الحديث بمعناه ولم يرفعه.
قال بعض السلف: لمصانعة وجه واحد أيسر عليك من مصانعة وجوه كثيرة، إنك إذا صانعت ذلك الوجه الواحد كفاك الوجوه كلها مع أنك لا تقدر على مصانعة أكثرهم.
كما قال الشافعي- رحمه الله-: رضا الناس غاية لا تدرك فعليك ما فيه صلاح نفسك فالزمه.
قال العلامة ابن القيم: ومعلوم أنه لا صلاح للنفس إلا بإيثار رضا بأرئها ومولاها على غيره.
وقد أحسن أبو فراس في قوله الأبيات المشهورة:
فليتك تحلو والحياة مريرة ... وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر ... وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين ... وكل الذي فوق التراب تراب
وروى البيهقي- بسنده- عن يونس بن عبد الأعلى قال: قال الشافعي- رحمه الله- يا أبا موسى لو جهدت كل الجهد على أن ترضي الناس كلهم فلا سبيل إليه، فإذا كان كذلك فأخلص عملك ونيتك لله- عز وجل - انتهى.
فكلما رضي به فريق من الناس يسخط به فريق، ورضي بعضهم في سخط بعض.
وأما ذمهم فلا يزيد العبد شيئًا ما لم يكتبه الله عز وجل- عليه ولا يعجل أجله محبوبًا عنده ولا يؤخر رزقه ولا يجعله من أهل النار إن كان من أهل الجنة. ولا يبغضه إلى الله إن كان محبوبًا عنده، بل في مرقية ذمهم موصلة الهموم ومرادفة العموم.