الزقاق بحضرته، ثم أعطانيها وأمر أصحابه الذين كانوا معه أن يمضوا معي، وأن يعاونوني، وأمرني أن آتي الأسواق كلها فلا أجد فيها زق خمر إلاّ شققته ففعلت فلم أترك في أسواقها زقًا إلاّ شققته.

وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك. قال: كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح، وأبا طلحة، وأبي بن كعب، شرابًا من فضيخ وتمر. فأتاهم آت. فقال: إنّ الخمر قد حرمت. فقال أبو طلحة: قم يا أنس إلى هذه الجرة فاكسرها. فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى تكسرت.

وقيل يجب الضمان فيما ينقى بالغسل فقط.

وهو اختيار أبي عبد الله محمد بن عبد القوي في نظمه-كما سيأتي قريبًا.

وقال أبو حامد الغزالي: (ولو كان الخمر في قوارير ضيقة الرؤوس ولو اشتغل بإراقتها طال الزمان وأدركه الفساق ومنعوه فله كسوها فإنّ ذلك عذر، وإن كان لا يحذر ظفر الفساق به ومنعهم إياه ولكن كان يضيع في زمانه وتتعطل عليه أشغاله فله أن يكسرها). انتهى.

قال: قيل فهلا جاز كسر أواني الخمر إذا لم تتعذر إراقتها زجرًا. والجر بالرجل في الإخراج من الدار المغصوبة زجرًا.؟

قال أبو حامد: إنما يكون الزجر عن المستقبل والعقوبة على الماضي والدفع عن الحاضر، وليس لآحاد الرعية إلاّ الدفع وهو إعدام المنكر فما زاد على قدر إعدام المنكر فهو إما عقوبة على جريمة سابقة أو زجر عن لاحق، وذلك إلى الولاة لا إلى الرعية فللوالي أن يفعل ذلك إذا رأى المصلحة فيه.

ثم قال- في مكان آخر-: (لو أريقت الخمر أولًا لم يجز كسر الأواني بعدها وإنما جاز كسرها تبعًا للخمر، فإذا خلت عنها فهي إتلاف مال إلًا أن تكون ضارية للخمر لا تصلح إلًا لها). فكأن الفعل المنقول عن العصر الأول كان مقرونًا بمعينين أحدهما: شدة الحاجة إلى الزجر. الآخر: تبعية الظروف للخمر التي هي مشغولة بها وهما معنيان مؤثران لا سبيل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015