ونقل عنه الحارث. قال: يعظهم (وينهاهم) قلت: قد فعل فلم ينتهوا. قال يستعين عليهم بالجيران، فأما السلطان فلا، إذا رفعهم إلى السلطان خرج الأمر من يده).
قال في نهاية المبتدئين: ويخبر في رفع منكر غير متعين عليه. قال أبو طالب عمر ابن الربيع - في كتابه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: إنما يجب علينا أن يرفع أهل المنكرات إلى السلطان، إذا رجونا أن يغير ذلك من غير تعد. فأما إذا خفنا أن يأتي من الظالم - ما لا يستحقه - أهل المنكرات من الضرب بغير حق أو أخذ أموالهم بغير وجه فليس لنا أن نستعين به على تغيير ذلك، وعلينا أن نصبر ونقتصر على الإنكار بالوعظ إلى أن نجد سلطانًا يغير ذلك بغير تعد - انتهى.
قال أبو عبد الله محمد بن مفلح: (والذي تحصل من كلام أحمد، أنه هل يجب رفعه إلى السلطان إذا علم أنه يقيمه على الوجه المأمور به أم لا؟ .
فيه روايتان: (فإن) لم يجب فهل يلزمه أن يستعين في ذلك بالجمع عليه بالجيران أو غيرهم أم لا؟ فيه روايتان. ونقل أبو طالب أحمد بن حميد عنه الكراهة.
قال المروذي لأبي عبد الله: ما تقول إذا ضرب رجل رجلاً بحضرتي، أو شتمه فأراد أن أشهد له عند السلطان؟
قال: إن خاف أن يعتدي عليه لم يشهد، وإن لم يخف يشهد، ويسقط وجوب رفع المنكر إلى السلطان خوف أن لا يقيمه على الوجه المأمور كما تقدم وظاهر كلام جماعة جوازه.
وأطلق بعضهم رفعه إلى ولي الأمر بلا تفصيل، لكن قد قال الأصحاب: من كان عنده شهادة بحد يستحب أن لا يقيمها. ولعل كلام أحمد في الأمر برفعه على الاستحباب. وعلى كل تقدير فهو مخالف لكلام الأصحاب إلاّ أن يتأول على جواز الرفع وهو تأويل بعيد من هذا الكلام، ولعله أمر بعد حظر فيكون للإباحة فيكون رفعه لأجل الحد مباحًا، ورفعه لأجل إنكار المنكر واجبًا أو مستحبًا.
ذكر ذلك "ابن مفلح" والله أعلم.
قال أبو الفرج بن الجوزي: (الضرب باليد والرجل وغير ذلك مما ليس فيه إشهار