نعم: في المنع بالفعل، وإبطال المنكر نوع ولاية وسلطنة، ولكنها تستفاد بمجرد الإيمان كقتل المشرك، وإبطال أسبابه، وسلب أسلحته، فإن للصبي أن يفعل ذلك حيث لا يستضربه، والمنع عن الفسق كالمنع عن الكفر. والله أعلم.

الشرط الثاني: أن يكون مسلمًا، فلا يخفي وجه اشتراطه، لأن هذا نصرة الدين، فكيف يكون من أهلها من هو جاحد لأصل الدين؟ .

قال أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي - رحمه الله-: (الكافر ممنوع من إنكار المنكر لما فيه من السلطنة والعز).

الشرط الثالث: العدالة فقد اعتبرها قوم وقالوا: ليس على الفاسق) أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وربما استدلو على ذلك بما ورد في الكتاب والسنة. من الإنكار على من يأمر بما لا يفعل كما سيأتي في - الباب الخامس .. قال أبو حامد الغزالي: وكل ما ذكروه خيالات، وإنما الحق أن للفاسق وعليه أن يأمر وينهى.

وسيأتي برهان ذلك وتحريره في الباب السابع - إن شاء الله - تعالى-.

الشرط الرابع: أن يكون مأذونًا من جهة الإمام أو نوابه فقد (شرط) قوم هذا الشرط، ولم يثبتوا لآحاد الرعية الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. قال أبو حامد وغيره: هذا الاشتراط فاسد، فإن الآيات والأخبار التي وردت في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تدل على أن كل من رأى منكرًا فسكت عليه فقد عصى أينما رآه، وكيفما رآه على العموم.

ومن أمثلة ما ورد في ذلك ما سبق - في الباب الأول - من حديث طارق بن شهاب عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنهما - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان".

قال العلماء، (من رأى) هو على العموم، فالتخصيص بشرط التفويض من الإمام تحكم لا أصل له كما ذكره غير واحد. قال أبو حامد الغزالي: فإن قيل: في الأمر بالمعروف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015