ويتفطنون) أو لأعاجلنهم العقوبة ثم نزل، فقال قوم: من ترونه عنى بهؤلاء؟ قال: الأشعريين هم قوم فقهاء ولهم جيران جفاة من أهل المياه والأعراب فبلغ ذلك الأشعريين، فأتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله ذكرت قومًا بخير، وذكرتنا بشر، فما بالنا؟ فقال: ليعلمن قوم جيرانهم وليفطننهم وليأمرنهم ولينهونهم وليتعلمن قوم من جيرانهم ويتعظون ويتفقهون، أو لأعاجلنهم بالعقوبة في الدنيا (فقالوا: يا رسول الله أنفطن غيرنا؟ فأعاد قوله عليهم وأعادوا قولهم: أنفطن غيرنا؟ فقال ذلك -أيضًا- فقالوا أمهلنا سنة فأمهلهم سنة، (ليفقهونهم ويعلمونهم ويعظونهم) ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود ... } الآية).
وروى أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- بسنده، عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كيف أنتم إذا طغى نساؤكم، وفسق شبابكم، وتركتم جهادكم؟ قالوا: وإن ذلك كائن يا رسول الله؟ قال: نعم والذي نفسي بيده، وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه يا رسول الله؟ قال: كيف إذا لم تأمروا بمعروف وتنهوا عن منكر؟ قالوا: أكائن ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم والذي نفسي بيده، وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه يا رسول الله؟ قال: كيف أنتم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم، والذي نفسي بيده وأشد منه سيكون، يقول الله -تعالى-: {ربي حلفت لأتيحن لهم فتنة يصير الحليم فيها حيرانًا}.
ورواه ابن أبي الدنيا -أيضًا- من حديث ابن مسعود بلفظ آخر: (رواه أبو يعلى الموصلي من حديث أبي هريرة مقتصرًا على الأسئلة الثلاثة وأجوبتها دون الآخرين).
قوله: (لأتيحن) بمثناة من فوق، ثم بمثناة من تحت، ثم حاء مهملة ونون مشددة أي لأقيضن- قاله العلماء.