ورواه البيهقي من حديث ابن عباس، من رواية الحسن بن قتيبة.
ورواه الطبراني من حديث أبي هريرة- بإسناد لا بأس به- إلا أنه قال: (فله أجر شهيد) وسيأتي- في الباب الثالث- من رواية الترمذي، عن كثير بن عبد الله لن عمرة عوف، عن أبيه، عن جده مرفوعًا: "إن الدين بدأ غريبًا، ويرجع غريبًا، فطوبى للغرباء".
وهم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي إلى غير ذلك من الألفاظ. فلما ذكر صلى الله عليه وسلم عود غربة الإسلام فضل أهلها بقوله: فسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء، فخص الآخرين من غرباء الإسلام بطوبى لصعوبة الأمر عليهم وشدة المعاناة في حفظ الدين لهم. كما قال: في آخر زمنهم: ( .... المتمسك فيه بدينه كالقابض على الجمر .... ).
والمقصود أنَّ الفساد في زماننا قد اتسع خرقه، وأظلم فقه بإفشائه وإشهاره، ومداهنة بعض الناس في إنكاره. وأطم المصائب، وأعظم المعائب، وأرذل الخصال، وأوضع المراتب أخذ المال السحت على الإقرار عليه، وحماية فاعله من أن يتوصل بالإنكار إليه، فلا حول ولا قوة إلا بالله ولا نعتمد في كراهة ذلك على سواه.
أي ركن وقد وهى؟ وأي نور للأمة قد ذهب واختفى، مذ رفع بساط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المألوف.
وقد قال أبو حامد الغزالي- رحمه الله-: "ولو طوى بساط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأهمل عمله تعطلت النبوة، واضمحلت الديانة، وعمت الفتن، وفشت الضلالة وشاعت الجهالة، وانتشر الفساد، واتسع الخرق وخربت البلاد. وهلك الصالح بطالح العباد، وإن لم يشعروا به إلى يوم التناد. وقد كان الذي خفنا أن يكون. فإنا لله وإنا إليه راجعون، إذ (اندرس) من هذا القطب عمله وعلمه، وانمحقت- بالكلية- حقيقته ورسمه. واستولت على القلوب- مداهنة الخلق، وانمحقت عنها مراقبة الخالق. واسترسل الناس في إتباع الهوى والشهوات استرسال البهائم، وعز- على بساط الأرض- مؤمن صادق. لا تأخذه في الله لومة لائم".
فهذا قول- أبي حامد- في زمانه، وفيه؟ ؟ ؟ ؟ ؟ الغفير من أقرانه. فما الظن بهذا الزمان وقد تمكن من غالب أهله الشيطان، وفشت فيهم المنكرات الجليلات، وظهرت عليهم ملازمة الحفيرات، وصار تعاطي ذلك بينهم مألوفًا، وعدم الإنكار عليهم معروفًا، وعاد الإسلام غريبًا كما بدأ غريبًا. والمنكر للمنكر الآمر بالمعروف طريدًا، والساكت المتخلي