وأمّا الحالة الثالثة: وهي قلبها فتقلب النون إلى الميم قبل الباء كقولك في شنباء: شمباء وفي عنبر: عمبر، لأنّ النون لمّا اجتمعت مع الباء وهي بعيدة عنها في المخرج ومباينة لها في الخواصّ لم يمكن الإدغام ففروا إلى حرف من مخرج الباء وهو الميم وجرى ذلك مجرى الإدغام (?).
وأمّا الحالة الرابعة: وهي إخفاؤها فتخفى النون مع باقي الحروف بعد الحروف المتقدمة الذكر فتخفى في خمسة عشر حرفا، ويجمعها أوائل كلم هذا البيت (?):
ترى جار دعد قد ثوى زيد في ضنى … كما ذاق طير صيد سوءا شبا ظفر
وهي تاء، جيم، دال، قاف، ثاء، زاي، فاء، ضاد، كاف، ذال، طاء، صاد، سين، شين، ظاء. قال أبو عثمان المازني: وبيانها مع حروف الفم لحن لما ذكرناه من التقارب في المخرج (?).
وهذه الستة يدغم بعضها في بعض لما بينها من التقارب، لأنّها من طرف اللّسان وأصول الثنايا فلذلك لم يمتنع
إدغام بعضها في بعض، وتدغم هذه الستة أيضا في حروف الصفير التي هي: الصّاد والذّال والسين من غير أن يدغم شيء من حروف الصفير في شيء من هذه الستة المذكورة، لئلا يذهب ما فيها (?) من الصفير لكن تدغم بعض هذه الثلاثة في بعض أعني حروف الصفير، ومن هذه الحروف حروف الأطباق وهي: الصّاد، والضّاد، والطّاء والظّاء فإذا أدغمت فالقياس أن يترك الإطباق على حاله كقولك: أضبط داوود، واحفظ ذهبك، واحفظ صديقك لئلا يذهب الحرف في الإدغام ويذهب إطباقه (?) ومعنى ظهور الإطباق أن يؤتى بالتشديد متوسطا ليظهر الإطباق كما تقدّم في النون من أنّ النون الساكنة تدغم مع إبقاء غنّتها، والقرّاء السّبعة