على كاد ففيها ثلاثة مذاهب (?):
الأول: وهو الأصحّ، أنّها كالأفعال إذا دخل عليها النفي كان معناها نفيا، وإذا تجرّدت من النفي كان معناها إثباتا، لأنّ قولك: كاد زيد يقوم، معناه إثبات قرب القيام لا إثبات نفس القيام، فإذا قلت: ما كاد زيد يقوم، فمعناه نفي قرب القيام.
والمذهب الثاني: أن تكون (?) كاد على العكس من الأفعال الماضيّة والمستقبلة، إثباتها نفي ونفيها إثبات، كما إذا قلت: كاد زيد يخرج، فالخروج غير حاصل، وما كاد زيد يخرج، فالخروج حاصل.
والمذهب الثالث: أن تكون كاد في نفي المستقبل كالأفعال تمسّكا بقوله تعالى: إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها (?) لأنّه لا يستقيم أن يكون المعنى إلّا كذلك لأنه واقع بعد قوله تعالى: يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ «3» وفي الماضي خاصة/ على العكس من الأفعال نفيا وإثباتا تمسّكا بقوله تعالى: فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ (?) ووجه التمسّك أنّ فعل الذّبح واقع بلا شك، واللفظ منفيّ، أعني ما كاد، والجواب: أنه محمول على أنّ حالهم كانت قبل الذّبح في التعنّت حال من لم يقارب الفعل، فالإخبار عن نفي مقاربة الذّبح قبل الذّبح عند ذلك التعنّت، والإخبار عن الذّبح بعد ذلك، أي فذبحوها وما كادوا قبل ذلك يقاربون أن يفعلوا (?) وقد أخذ على ذي الرّمة من يرى أنّ كاد نفيها إثبات في قوله: (?)
إذا غيّر الهجر المحبين لم يكد … رسيس الهوى من حبّ ميّة يبرح
وهو أنه فهم من ذلك الإثبات وهو زوال رسيس الهوى، والصواب حمل البيت المذكور على الصّحة، لأنّ المعنى؛ إذا غيّر الهجر المحبين لم يقارب حبّي التغيير