إن أخرتني أصدّق وأكن، وقرأه أبو عمرو خاصة فأصدق وأكون بنصب أكون عطفا على قوله فأصّدّق على لفظه (?) وإنما لم يلحق النفي بالأمور الخمسة في ذلك، لأنّ النفي مجرّد إخبار لأنّك إذا قلت: ما أتيتنا، قطعت بأنه ما أتى فليس فيه طلب، فلا يتضمّن معنى الشرط كما تضمّنه الأمر والنهي إلى آخر الأمور الخمسة، لأنّ الفعل إنما ينجزم إذا كان جوابا لما فيه معنى إن الشرطية، وليس في النفي معنى إن كما هو في الأمور الخمسة فمن ثمّ لم يجز: ما تأتنا تحدثنا بالجزم، ولكنه يجوز برفع تحدثنا على الحال أي ما تأتينا محدثا لنا وهو مثل قوله تعالى ذَرْهُمْ فِي
خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (?) أي لاعبين، ومثل قولك: انطلق تتكلّم أي انطلق متكلّما، وأمّا قولك:
إن تأتني تسألني أعطك، وإن تأتني تمشي أمش معك، فهو برفع المتوسّط على الحال (?)، وجزم الطرفين، وتقديره: إن تأتني سائلا أعطك وإن تأتني ماشيا أمش معك ومثله (?):
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره … تجد خير نار عندها خير موقد
بجزم تأته وتجد، ورفع تعشو على الحال أي متى تأته عاشيا تجد كيت وكيت (?).
ويقال له أيضا: مثال الأمر (?)، وإنّما سمّي فعل الأمر بمثال الأمر، لأنّ الأمر من فعل قد يماثل الأمر من فعل آخر، نحو: هب من وهب، فإنّه يماثل الأمر من هاب يهاب، وكل أمرك إلى الله، يماثل الأمر من كال الطّعام يكيله فسمّي (?) الباب كله مثالا لوقوع ما ذكرنا فيه وصيغة الأمر هي التي يطلب بها الفعل من الفاعل