وأين بيتك أزرك، كان التقدير إن تأتني أحدثك وإن تعلمني بيتك أزرك، فإذا قلت في التمني: ألا ماء أشربه، وليته عندنا يحدثنا، كان التقدير إن أجد الماء أشربه وإن تكن عندنا تحدثنا، وإذا قلت في العرض: ألا تنزل عندنا تصب خيرا، كان التقدير إن تنزل تصب خيرا (?) وكذلك ما فيه معنى الأمر والنهي فإنه منزّل منزلة الأمر والنهي في جزم الجواب (?) وذلك مثل قولهم: اتّقى الله امرؤ وفعل (?) خيرا يثب عليه، بجزم يثب على جواب الأمر إذا كان المراد، ليتق امرؤ وليفعل خيرا يثب عليه بمعنى إن يفعل خيرا يثب عليه، وكذلك: صه أكرمك، والمعنى اسكت إن
تسكت أكرمك.
واعلم أنه من حقّ المضمر أن يكون من جنس المظهر ليدل عليه (?)، لأنّ المضمر إذا لم يكن من جنس المظهر إيجابا أو نفيا لم يصح أن يكون المظهر دليلا عليه، لأنّه إنما يدلّ على ما هو من جنسه، فإذا قلت: لا تعص الله يدخلك الجنة، كان صحيحا، لأنّ التقدير: إن لا تعصه يدخلك الجنة لأنّك إنّما تضمر مثلما تظهر من النفي والإثبات، وإذا قلت: لا تدن من الأسد يأكلك كان فاسدا، لأنّ النهي لا يدلّ على الإثبات، لأنّ التقدير إن لا تدن من الأسد يأكلك، وهو فاسد، وإنما كان هذا هو التقدير، لأنّ قولك: لا تدن من الأسد، إنما يدلّ على ما هو من جنسه والذي/ هو من جنسه هو النهي، وإذا قدرت النهي لم يستقم المعنى (?)، وأجاز الكسائي لا تدن من الأسد يأكلك، اعتمادا على وضوح المعنى، وتقديره عنده لا تدن من الأسد إن تدن منه يأكلك (?) واعلم أنّ القرّاء كلّهم خلا أبي عمرو قرأوا فأصدق وأكن من الصالحين (?) بجزم أكن عطفا على موضع أصدّق، لأنّه في موضع جزم كأنّه قال: