بمعنى الفعل، فأبوه حينئذ في المثال المذكور لا يجوز رفعه على الفاعليّة بدون الشروط التي ستذكر، فقد ظهر أنّ اسم التفضيل إنّما يرفع المضمر وينصب النكرة من غير شرط ولكن يرفع الظاهر بشروط: وهو أن يكون أفعل التفضيل صفة لشيء لفظا وهو في المعنى لمتعلّق ذلك الشيء، بشرط أن يكون ذلك المتعلّق مفضّلا على نفسه باعتبار ذلك الشيء، الذي هو الموصوف مفضّلا باعتبار غيره في حال يكون الأفعل منفيّا (?). نحو: ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد، فإنّ أفعل التفضيل في المثال المذكور «أحسن»، وقد وقع منفيّا وهو صفة لشيء لفظا الذي هو «الرجل» وهو في المعنى لمتعلّق الرجل الذي هو «الكحل» والمتعلّق المذكور مفضّل على نفسه باعتبار الأول الذي هو الموصوف؛ أعني الرجل، ومفضّل أيضا باعتبار غيره الذي هو «عين زيد»، وإنّما رفع الظاهر بالشروط المذكورة لإمكان تقدير أفعل بمعنى الفعل الذي هو حسن، فيصير التقدير: ما رأيت رجلا حسن في عينه الكحل حسنه في عين زيد، بخلاف ما إذا فقد أحد الشروط المذكورة، فإنّ تقدير فعل بمعناه حينئذ يمتنع، وإنّما تعيّن رفع الكحل بأفعل لا بالابتداء، لأنّه لو رفع الكحل على الابتداء، لوجب أن يكون أحسن خبرا مقدّما عليه وهو غير جائز للفصل بين أحسن وبين معموله الذي هو «منه» بأجنبي وهو الكحل الذي هو المبتدأ، وإذا تعذّر رفع الكحل على الابتداء، تعيّن رفعه على أنه فاعل أحسن، ولك في هذه المسألة أن تنكّر فاعل أفعل، فتنكر الكحل، ولك فيها عبارة أخرى أخصر من الأولى فتحذف الضمير من «منه» مع حذف «في»، فيبقى: ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل من عين زيد. ولك فيها عبارة أخرى؛ وهي أن تقدّم ذكر العين على اسم التفضيل من غير ذكر «من» معها كقولك: ما رأيت كعين زيد أحسن فيها الكحل (?).
واعلم أنّه لا تستعمل فعلى تأنيث أفعل التفضيل إلّا مضافة أو معرّفة باللّام،