الكليات (صفحة 339)

وَذَاكَ غَالِبا

وَقَالَ بَعضهم: الْمَجْنُون من يفعل مَا يَفْعَله الْعُقَلَاء لَا عَن قصد؛ والعاقل من يفعل مَا يَفْعَله المجانين فِي الْأَحَايِين لَكِن عَن قصد؛ وَالْمَعْتُوه من يفعل مَا يَفْعَله المجانين فِي الْأَحَايِين لَكِن عَن قصد

وَتَفْسِير الْقَصْد: هُوَ أَن الْعَاقِل يفعل على ظن الصّلاح، وَالْمَعْتُوه يفعل مَعَ ظُهُور وَجه الْفساد

والمغفل: اسْم مفعول من التغفل، وَهُوَ الَّذِي لَا فطنة لَهُ

وجنون مطبق: بِالْكَسْرِ

ومجنونة مطبق عَلَيْهَا، بِالْفَتْح

[وَمعنى مطبق: الممتد، والامتداد عبارَة عَن تعاقب الْأَزْمِنَة وَلَيْسَ لَهُ حد معِين فقدروه بالأدنى، وَهُوَ أَن يستوعب الْجُنُون وَظِيفَة الْوَقْت وَهُوَ الْيَوْم وَاللَّيْلَة فِي الصَّلَاة وَجَمِيع الشَّهْر فِي حق سُقُوط الصَّوْم]

الْجَهْل: يُقَال للبسيط، وَهُوَ عدم الْعلم عَمَّا من شَأْنه أَن يكون عَالما، وَيُقَال أَيْضا للمركب، وَهُوَ عبارَة عَن اعْتِقَاد جازم غير مُطَابق، سمي بِهِ لِأَنَّهُ يعْتَقد الشَّيْء على خلاف مَا هُوَ عَلَيْهِ، فَهَذَا جهل آخر قد تركبا مَعًا

وَيقرب من الْبَسِيط السَّهْو وَسَببه عدم استثبات التَّصَوُّر، فَيثبت مرّة وَيَزُول أُخْرَى، وَيثبت بدله تصور آخر، فيشتبه أَحدهمَا بِالْآخرِ اشتباها غير مُسْتَقر، حَتَّى إِذا نبه بِأَدْنَى تنبه وَعَاد إِلَى التَّصَوُّر الأول

وَيقرب من الْجَهْل أَيْضا الْغَفْلَة، وَيفهم مِنْهَا عدم التَّصَوُّر مَعَ وجود مَا يَقْتَضِيهِ

كَذَلِك يقرب مِنْهُ الذهول، وَسَببه عدم استثبات التَّصَوُّر حيرة ودهشا

وَالْجهل يُقَال اعْتِبَارا بالاعتقاد؛ والغي يُقَال اعْتِبَارا بالأفعال وَلِهَذَا قيل: زَوَال الْجَهْل بِالْعلمِ، وَزَوَال الغي بِالرشد، وَيُقَال لمن أصَاب: رشد؛ وَلمن أَخطَأ: غوى

وَالْجهل أَنْوَاع: بَاطِل لَا يصلح عذرا، وَهُوَ جهل الْكَافِر بِصِفَات الله وَأَحْكَامه، وَكَذَا جهل الْبَاغِي وَجَهل من خَالف فِي اجْتِهَاده الْكتاب وَالسّنة، كالفتوى بِبيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد، بِخِلَاف الْجَهْل فِي مَوضِع الِاجْتِهَاد فَإِنَّهُ يصلح عذرا وَهُوَ الصَّحِيح وَكَذَا الْجَهْل فِي مَوضِع الشُّبْهَة

وَأما جهل ذَوي الْهوى بِالْأَحْكَامِ الْمُتَعَلّقَة بِالآخِرَة كعذاب الْقَبْر والرؤية والشفاعة لأهل الْكَبَائِر، وعفو مَا دون الْكفْر، وَعدم خُلُود الْفُسَّاق فِي النَّار فَلم يكن هَذَا الْجَهْل عذرا لكَونه مُخَالفا للدليل الْوَاضِح فِي الْكتاب وَالسّنة والمعقول، لكنه لما نَشأ من التَّأْوِيل للأدلة كَانَ دون جهل الْكَافِر

وَجَهل مُسلم فِي دَار الْحَرْب لم يُهَاجر إِلَيْنَا بالشرائع كلهَا يكون عذرا حَتَّى لَو مكث ثمَّة مُدَّة وَلم يصل وَلم يصم وَلم يعلم أَنَّهُمَا واجبان عَلَيْهِ لَا يجب الْقَضَاء بعد الْعلم بِالْوُجُوب، خلافًا لزفَر، لِأَن الْخطاب النَّازِل خَفِي فِي حَقه، فَيصير الْجَهْل بِهِ عذرا، لِأَنَّهُ غير مقصر، وَإِنَّمَا جَاءَ الْجَهْل من قبل خَفَاء الدَّلِيل

وَيلْحق بِهَذَا الْجَهْل جهل الشَّفِيع بِالْبيعِ، وَالْأمة بِالْإِعْتَاقِ، وَالْبكْر بِنِكَاح الْوَلِيّ، وَالْوَكِيل والمأذون بِالْإِطْلَاقِ وضده

الْجِنّ: حَده أَبُو عَليّ بن سينا بِأَنَّهُ حَيَوَان هوائي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015