الكليات (صفحة 1062)

تَعَالَى يتَفَرَّع عَلَيْهَا حكم ومصالح متقنة هِيَ ثَمَرَته وَإِن لم يكن عللاً غائية لَهَا بِحَيْثُ لولاها لم يقدم الْفَاعِل كَمَا حقق فِي مَوْضِعه.

الْجُحُود فِي عَامَّة كتب اللُّغَة إِنْكَار الْعلم. وَلَا دلَالَة فِي قَوْله تَعَالَى: {وجحدوا بهَا واستيقنتها أنفسهم} على خلو الْجُحُود عَن الْعلم لفساد معنى خالين عَن الْعلم مستيقنين بهَا، بل الْمَعْنى وجحدوا بعد أَن استيقنتها، وَلما لم يفد هَذَا الْعلم فَائِدَته أَخذ حكم عَدمه كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {صم بكم عمي فهم لَا يعْقلُونَ} وَلِأَن الْكَافِر جَاهِل حَقِيقَة وَلكنه بِاعْتِبَار قيام الدَّلِيل الْوَاضِح الَّذِي لَو اسْتدلَّ بِهِ بِوَجْه الْيَقِين عِنْد مُسْتَيْقنًا فَسُمي إِنْكَاره جحُودًا فَذكر الاستيقان بعد ذكر الْجُحُود للتصريح بِمَا تضمنه الْجُحُود من الْعلم، والتشنيع عَلَيْهِم بِأَن ذَلِك مِنْهُم من أقبح الْكفْر وأفحش الظُّلم فَكَانَ موقعه نصا أحسن موقع.

مُرَاد أهل الْأُصُول من الِاسْتِحْسَان مَا خَفِي من الْمعَانِي الَّتِي يناط بهَا الحكم من الْقيَاس مَا كَانَ ظَاهرا متبادراً بل هُوَ أَعم مِنْهُ أَو قد يكون بِالنَّصِّ، وَقد يكون بِالضَّرُورَةِ، وَقد يكون بِالْقِيَاسِ إِذا كَانَ قِيَاسا آخر متبادراً وَذَلِكَ خَفِي وَهُوَ الْقيَاس الصَّحِيح، فيسمى الْخَفي اسْتِحْسَانًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذَلِك الْمُتَبَادر.

لم يُوجد الْمَعْنى الَّذِي يخْتَص بِكُل وَاحِد من (نَعَم) و (بلَى) فِي الآخر، وَلم يذكر أحد من أَئِمَّة اللُّغَة جَوَاز اسْتِعَارَة أَحدهمَا للْآخر. وَأما كَون (نعم) إِقْرَارا كبلى فِيمَا لَو قَالَ لآخر: أَلَيْسَ لي

عَلَيْك ألف؟ فَقَالَ: نعم، فَذَلِك بِنَاء على الْعرف لَا قَاعِدَة لُغَة الْعَرَب، وَالْعرْف لَا يصلح متمسكاً فِي تَصْحِيح لُغَة الْعَرَب.

للْعلم من حَيْثُ كَونه علما لشخص معِين لَا تعدد فِيهِ فَلَا يَصح أَن يثنى أَو يجمع من هَذِه الْحَيْثِيَّة، وَأما إِذا وَقع فِي الِاشْتِرَاك واحتيج إِلَى تثنيته أَو جمعه فَلَا بُد حِينَئِذٍ من التَّأْوِيل مثل أَن يؤول زيد بِهَذَا اللَّفْظ، فَإِذا قيل الزيدون فَكَأَنَّهُ قيل المسمون بزيد فَجمع بِهَذَا الْجمع لكَونه فِي حكم صفة الْعُقَلَاء.

الْألف اسْم يتَنَاوَل الْمدَّة والهمزة وَمن ثمَّ قيل: الْألف فِي إِنَّمَا وَمَا سَاكِنة ومتحركة وَاسم الْهمزَة مستحدث تمييزاً للمتحركة عَن الساكنة وَلذَلِك لم تذكر فِي التهجي بل اقْتصر على الْألف وَقد يُقَال: الْهمزَة وَالْألف حرف وَاحِد عِنْد الْفُقَهَاء وحرفان عِنْد مُتَعَارَف الْجُمْهُور.

الكَلِم كلهَا مركبة من ذَوَات الْحُرُوف لَا من أسمائها، وَذَلِكَ يَقْتَضِي كَثْرَة وُقُوع صور الْحُرُوف فِي الْخط. أَلا ترى أَنَّك إِذا أردْت تَصْوِير ذَوَات الْحُرُوف تعدد تِلْكَ الْحُرُوف بأساميها، فَتَقول لكاتب مثلا: اكْتُبْ ألف با تا فَيكْتب هَكَذَا: ا، ب، ت على الطَّرِيقَة المألوفة فَيَقَع فِي التَّلَفُّظ الْأَسْمَاء، وَفِي الْكِتَابَة الْحُرُوف أَنْفسهَا.

الْمجَاز الْمُتَعَارف حَقِيقَة عرفية، والحقيقة اللُّغَوِيَّة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَقِيقَة الْعُرْفِيَّة عِنْد أهل الْعرف مجَاز، وَكَذَا الْعُرْفِيَّة بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللُّغَوِيَّة مجَاز أَيْضا خُصُوصا إِذا كَانَت مستعملة وَلم تهجر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015