الْعدَد ظَاهر فَإنَّك تنقص عددا عَن عدد حَتَّى يبْقى الْمَقْصُود، وَقد تضم عددا إِلَى عدد كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
(بنت سبع وَأَرْبع وَثَلَاث ... هِيَ حتف المتيم المشتاق)
وَالْمرَاد بنت أَرْبَعَة عشر. وَقد يعبر عَنهُ بِغَيْرِهِمَا كَمَا يُقَال للعشرة جُزْء المئة وَضعف الْخَمْسَة وَربع الْأَرْبَعين وَغَيرهَا الْمُعْتَبر فِي بَاب الِاسْتِعَارَة طَريقَة الْعَرَب فِي استعاراتهم لَا كل طَريقَة يخترعها الْمُتَكَلّم، فهم لم يعتبروا باستعاراتهم اللَّازِم بِأَيّ وَجه كَانَ بل اعتبروا أَن يكون الْمُسْتَعَار لَهُ لَازِما تَابعا للمستعار مِنْهُ فِي جِهَة الِاسْتِعَارَة، فاستعاروا السَّمَاء وَهُوَ السَّحَاب الَّذِي للمطر ينزل مِنْهُ ويفتقر إِلَيْهِ لِأَنَّهُ لَازم السَّحَاب فِي الْغَالِب وتابع لَهُ، وَلم يلتفتوا إِلَى ملزومية الْمَطَر للسحاب لعدم تَبَعِيَّة السَّحَاب للمطر، واستعاروا الْأسد للشجاع بِاعْتِبَار لَازمه الَّذِي هُوَ تَابع وَهُوَ الشجَاعَة، وَلم يعكسوا لعدم التّبعِيَّة، وَذَلِكَ أَن الِاسْتِعَارَة للْمُبَالَغَة فِي التَّشْبِيه، وَهِي تتَحَقَّق فِي هَذَا النَّوْع دون عَكسه.
الأبلغ إِذا كَانَ أخص مِمَّا دونه ومشتملاً على مَفْهُومه تعين هُنَاكَ طَريقَة الترقي، إِذْ لَو قدم الأبلغ كَانَ ذكر الآخر عَارِيا عَن الْفَائِدَة، وَإِذ لم يكن الأبلغ مُشْتَمِلًا على مَفْهُوم الْأَدْنَى فَإِنَّهُ يجوز كل وَاحِد من طريقي التتميم والترقي نظرا إِلَى مُقْتَضى الْحَال.
مَا ذكر فِي علم الْكَلَام من أَن الْمحَال لَيْسَ بِشَيْء اتِّفَاقًا، وَأَن النزاع فِي الْمَعْدُوم الْمُمكن هَل
هُوَ شَيْء أَو لَا فَذَلِك فِي الشيئية بِمَعْنى التقرر والتحقق منفكاً عَن صفة الْوُجُود لَا فِي إِطْلَاق لفظ الشَّيْء على مَفْهُومه فَإِنَّهُ من المباحث اللُّغَوِيَّة المستندة إِلَى النَّفْي وَالسَّمَاع لَا من الْمسَائِل الكلامية المبنية على الأنظار الدقيقة.
اعتبروا اخْتِلَاف الْمَاضِي والمستقبل فِي الْمَنْع عَن الْعَطف وَلم يعتبروا اخْتِلَاف النَّفْي وَالْإِثْبَات فِيهِ لأَنهم لم يضعوا صِيغَة لنفي الْفِعْل على حِدة بل وضعُوا (مَا) و (لَا) للنَّفْي مُطلقًا، فَإِذا أَرَادوا نفي الْفِعْل جمعُوا بَينه وَبَين صِيغَة الْفِعْل وَقَالُوا (مَا فعل) و (لَا يفعل) فَحصل نفي الْفِعْل بتركيب الْكَلِمَتَيْنِ لَا بِأَصْل الْوَضع، وَلِهَذَا جعلُوا (مَا ضرب) و (لَا يضْرب) دَاخِلا فِي حد الْفِعْل مَعَ أَنه إِخْبَار عَن عدم الْفِعْل فَلذَلِك لم يُؤثر هَذَا الِاخْتِلَاف فِي الْمَنْع عَن الْعَطف، بِخِلَاف اخْتِلَاف الْمَاضِي والمستقبل لِأَنَّهُ صيغي ثَابت بِأَصْل الْوَضع فَيجوز أَن يُؤثر فِي الْمَنْع مَعَ أَنه قد جَاءَ فِي التَّنْزِيل عطف الْمَاضِي على الْمُسْتَقْبل أَيْضا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن الَّذين يَتلون كتابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصلاةَ وأنفقوا مِمَّا رَزَقْناهم} {إِنَّمَا تنذر الَّذين يَخْشونَ رَبهم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاة} .
لَا يَصح اسْتِعَارَة (لَعَلَّ) لإِرَادَة الله عِنْد الأشاعرة لاستلزامها وُقُوع المُرَاد، وَلَا للتَّعْلِيل عِنْد من يَنْفِي تَعْلِيل أَفعاله تَعَالَى بالاعراض مُطلقًا، بل يجب أَن يَجْعَل مجَازًا عَن الطّلب الَّذِي يغاير الْإِرَادَة وَلَا يسْتَلْزم حُصُول الْمَطْلُوب أَو عَن تَرْتِيب الْغَايَة على مَا هِيَ ثَمَرَة لَهُ فَإِن أَفعاله