الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيهِ مباركًا عليهِ كَمَا يحبُّ ربُّنا ويرضى، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى خاتمِ الأنبياءِ والمرسلينَ.
فقدْ ذكرتُ في هذا الكتابِ - وفيهِ ما يرْوي الغليلَ، ويشْفي العليلَ مِنَ المرضى بأدواءِ التَّحريفِ والتَّعطيلِ - مِنْ صفةِ العلوِّ والفوقيَّةِ «ما نزلَ بهِ القرآنُ، وصحَّتْ بروايتهِ الآثارُ، وأجمعَ عليهِ فقهاءُ الأمصارِ وعلماءُ الأمَّةِ مِنَ السَّلفِ والخلفِ؛ الذينَ جعلهمُ اللهُ هداةً للمستبصرينَ وقدوةً في الدِّينِ، وجعلَ ذكرهم أنسًا لقلوبِ المؤمنينَ وليعلمَ ذلكَ ويتمسَّكُ بهِ منْ أحبَّ الله خيرهُ، وأنْ يستنقذهُ مِنْ حبائلِ الشَّيطانِ، ويفكهُ منْ فخوخِ الجاحدينَ الذينَ زاغتْ قلوبهمْ فاستهوتهمُ الشَّياطينُ؛ الذينَ خَطِئَ بهمْ طريقُ الرَّشادِ، وحُرِمُوا التَّوفيقَ والسَّدادَ؛ ففنيتْ أعمارهم، وانقطعتْ آمالهم بالخصومةِ في ربِّهم، والمحاربةِ في إلههم، يقولونَ في اللهِ وفي كتابهِ بغيرِ علمٍ؛ تعالى الله عمَّا يقولهُ الضَّالُّونَ علوًّا كبيرًا» (?).
فالزمْ - رحمكَ الله - ما ذكرتُ لكَ منْ كتابَ ربِّكَ العزيزِ، وكلامِ نبيِّهِ الكريمِ، ولا تحدْ عنهُ، ولا تبْتغِ الهدى في غيرهِ، ولا تغترَّ بزخارفِ المبْطلينَ، وآراءِ المتكلِّفينَ، فإنَّ الرشْدَ والهدى والفوزَ والرِّضا فيما جاءَ منْ عندِ الله ورسولهِ، لا فيما أحْدثهُ المحْدثونَ، وأتى بهِ المتنطِّعونَ منْ آرائهم المضْمحلةِ، ونتائجِ عقولهم الفاسدةِ، وارضَ بكتابِ الله، وسنَّةِ رسوله، عوضًا منْ قولِ كلِّ قائلٍ، وزخْرفٍ وباطلٍ (?).