52 - قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54]. وقال: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود: 44] وقال: {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} وقال: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} [المؤمنون: 28] وقال: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} [الزخرف: 13] فهذا الاستواءُ كلُّهُ يتضمَّنُ حاجةَ المستوي إلى المستوى عليه، وأنَّهُ لو عدمَ منْ تحتهُ لخرَّ، والله تعالى غنيٌّ عَنِ العرشِ، وعنْ كلِّ شيءٍ، بلْ هوَ سبحانهُ بقدرتهِ يحملُ العرشَ، وحملةَ العرشِ.
فصارَ لفظُ الاستواءِ متشابهًا يلزمهُ في حقِّ المخلوقينَ معاني يُنَزَّهُ اللهُ عنها. فنحنُ نعلمُ معناهُ، وأنَّهُ العلوُّ والاعتدالُ؛ لكن لا نعلمُ الكيفيَّةَ التي اختصَّ بها الرَّبُّ التي يكونُ بها مستويًا منْ غيرِ افتقارٍ منهُ إلى العرشِ، بلْ مع حاجةِ العرشِ، وكلُّ شيءٍ محتاجٌ إليهِ منْ كلِّ وجهٍ، وأنَّا لم نعهدْ في الموجوداتِ ما يستوي على غيرهِ مع غناهُ عنهُ وحاجةُ ذلكَ المستوى عليه إلى المستوي، فصارَ متشابهًا منْ هذا الوجهِ، فإنَّ بين اللَّفظينِ والمعنيينِ قدرًا مشتركًا، وبينهما قدرًا فارقًا هوَ مرادٌ في كلٍّ منهما، ونحنُ لا نعرفُ الفارقَ الذي امتازَ الرَّبُّ بهِ، فصرنا نعرفهُ منْ وجهٍ، ونجهلهُ منْ وجهٍ، وذلكَ هو تأويلهُ، والأوَّلُ هو تفسيرهُ (?).
53 - وهو سبحانهُ ليسَ لهُ كفؤ في شيءٍ منْ أمورهِ، فهوَ موصوفٌ بصفاتِ الكمالِ على وجهِ التفصيلِ منزَّهٌ فيها عَنِ التشبيهِ والتمثيلِ، ومنزَّهٌ عَنِ النقائصِ مطلقًا؛ فإنَّ وصفَهُ بها منْ أعظمِ الأباطيلِ، وكمالَهُ منْ لوازمِ ذاتهِ المقدَّسةِ (?).