42 - إنَّ الرَّبَّ تعالى مُنَزَّهٌ عنْ كلِّ نقصٍ، وموصوفٌ بالكمالِ الذي لا نقصَ فيهِ، وهوَ منزَّهٌ في صفاتِ الكمالِ أنْ يماثلَ شيءٌ منْ صفاتهِ شيئًا منْ صفاتِ المخلوقينَ، فليسَ لهُ كفؤًا أحدٌ في شيءٍ منْ صفاتهِ، لا في علمهِ ولا قدرتهِ ولا إرادتهِ ولا رضاه ولا غضبهِ، ولا خلقهَ، ولا استوائهِ، ولا إتيانهِ ولا نزولهِ، ولا غيرِ ذلكَ ممَّا وصفَ به نفسَهُ، أو وصفهُ بهِ رسولهُ، بلْ مذهبُ السَّلفِ أنَّهم يصفونَ الله بمَا وصفَ بهِ نفسَهُ. وما وصفهُ بهِ رسولُهُ منْ غيرِ تحريفٍ ولا تعطيلٍ، ومنْ غيرِ تكيِيفٍ ولا تمثيلٍ. فلا يَنْفُونَ عنهُ ما أثبتهُ لنفسهِ مِنَ الصِّفاتِ، ولا يُمَثِّلُونَ صِفَاتِهِ بصفاتِ المخلوقينَ؛ فالنَّافي معطِّلٌ، والمُعَطِّلُ يعبد عَدَمًا، والمُشَبِّهُ مُمَثِّلٌ، والمُمَثِّلُ يَعْبُدُ صَنَمًا.
مذهبُ السَّلفِ إثباتٌ بلا تمثيلٍ وتنزيهٌ بلا تعطيلٍ. كما قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} وهذا ردٌّ على الممثِّلةِ. وقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ردٌّ على المعطِّلةِ (?).
43 - منْ فهمَ منْ صفاتِ الله تعالى ما هو مستلزمٌ للحدوثِ، مجانسٌ لصفاتِ المخلوقينَ، ثمَّ أرادَ أنْ ينفي ذلكَ عَنِ الله فقدْ شبَّه وعطَّلَ؛ بَلِ الواجبُ أنْ لا يوصفَ اللهُ إلَّا بما وصفَ بهِ نفسَهُ، أو وصفهُ بهِ رسولُهُ، لا نتجاوزُ القرآنَ والحديثَ. وأنْ نَعْلَمَ مَعَ ذلكَ أنَّ الله تعالى ليسَ كمثلهِ شيءٌ، لا في نفسهِ، ولا في أوصافهِ، ولا في أفعالهِ، وإنَّ الخلقَ لا تطيق عقولهم كنهَ معرفتهِ، ولا تقدرُ ألسنتهم على بلوغِ صفتهِ {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 180 - 182] (?).