فإنَّكم إذا فهمتم منْ هذهِ الألفاظِ حقائقهَا وظواهرهَا فهمتم خلافَ مرادي منها، بلْ مرادي منكم أنْ تفهموا منها ما يدلُّ على خلافِ حقائقهَا وظواهرهَا. فأيُّ تيسيرٍ يكونُ هناكَ وأيُّ تعقيدٍ وتعسيرٍ لم يحصلْ بذلكَ، ومعلومٌ أنَّ خطابَ الرجلِ بما لا يفهمهُ إلَّا بترجمةٍ أيسرُ عليهِ منْ خطابهِ بما كلِّفَ أنْ يفهمَ منهُ خلافَ موضوعهِ وحقيقتهِ بكثيرٍ. فإنَّ تيسيرَ القرآنِ منافٍ لطريقةِ النُّفاةِ المحرِّفِينَ أعظمُ منافاةٍ (?). الذينَ يقولونَ إنَّ آياتِ الصِّفاتِ ظاهرهَا التَّشْبيهُ فنفوِّضُ أو نؤوِّلُ، كمَا قالَ قائلهم:
وكُلُّ نَصٍّ أَوْهَمَ التَّشْبِيهَا ... أَوِّلْهُ أو فَوِّضْ ورُمْ تَنْزِيها
فمنْ تدبَّرَ القرآنَ، وعرفَ مقصودَ القرآنِ: تبيَّن لهُ المرادُ، وعرفَ الهدى والرسالةَ، وعرفَ السَّدادَ مِنَ الانحرافِ والاعوجاجِ (?)، وتبيَّنَ لهُ بُطْلانُ قولِ منْ يقولُ: إنَّ آياتِ الصِّفاتِ مِنَ المتشابَه.
والحَقُّ أَبْلَجُ لا تَزِيغُ سَبِيلُهُ ... والحَقُّ يَعْرِفُهُ ذوُو الأَلْبَابِ (?)
* * *
لقدْ كثرت الافتراءاتُ والأكاذيبُ والأباطيلُ على علمِ الأعلامِ، وشامةِ الشامِ، صاحبِ العلمِ الغزيرِ، والرأيِّ السَّديدِ، شيخِ الاسلامِ بحقٍّ لقاهُ الله رضوانهُ وأسكنهُ فسيحَ جنانهِ.
وخلاصةُ الافتراءاتِ تدورُ حولَ اتِّهامِ شيخِ الاسلامِ بالتَّجسيمِ والتَّشبيهِ، وبأنَّهُ يقولُ بجلوسِ الرحمنِ على العرشِ، وبنزولهِ إلى السَّماءِ الدنيا كنزولِ المخلوقِ.