و «منْ زعمَ: أنَّ إطلاقَ ما أطلقهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على الله عزَّ وجلَّ، في مجالسهِ الشريفةِ، ومجامعهِ المنيفةِ ممنوعٌ لنا، ومنهيٌّ عنه؛ فقدْ أتى بابًا كبيرًا، منْ أبوابِ إساءةِ الأدبِ بالله وبرسوله. ولم يَكُنِ الله ولا رسولهُ، قطٌّ: عاجزينَ عنْ أنْ لا يأتيا بهذه الألفاظِ الموهمةِ: للتَّجسيم والتَّشبيه. بلْ قالا مَا يكونُ صريحًا في التَّنزيهِ والتَّقديسِ.
فهذا الزعمُ - منْ أهلِ التَّأويلِ، والكلامِ -: منْ أبطلِ الباطلاتِ، وأنكرِ المنكراتِ.
ونحنُ إذا تلونَا قولَه سبحانهُ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ *} [الإخلاص: 4] تلاشَتْ شُبَهُ التمثيلِ والتكييفِ، بحذافيرهَا. ولم يبقَ لشيءٍ مِنَ التجسيمِ والتشبيهِ مَسَاغٌ.
فنحنُ نسبِّحهُ ونقدِّسهُ عنْ جميعِ سماتِ النَّقصِ، والزوالِ. ونثبتُ لهُ ما أثبتهُ لنفسهِ المقدَّسة، ووصفهُ بهِ رسولهُ - فيمَا صحَّ عنهُ، روايةً - وهذا هوَ مختارُ جمهورِ السَّلف، ومشربُ الصالحينَ مِنَ الخلفِ. ومنْ خالفَ ذلكَ: فقدْ خالفَ هذه الشريعةَ، بلِ الشرائعَ كلَّها» (?).
الثاني:
القولُ بأنَّ بيانَ صفاتِ الله تعالى بدونِ تعطيلها وبدونِ تحريفِ نصوصها فيهِ إضلالٌ وتمزيقٌ لوحدةِ الأمَّةِ، قولٌ في غايةِ السفاهةِ والفسادِ، فإنَّ المتكلِّمينَ مِنَ الجهميَّةِ المعطِّلةِ هم الذين مزَّقُوا وحدةَ هذهِ الأمَّةِ، وأتوا بضلالِ التَّعطيلِ وإضلالِ التَّحريفِ.
وأمَّا السَّلفيُّون فهم بحمدِ اللهِ يدعونَ النَّاس إلى ما كان عليه سلفُ هذهِ الأمَّةِ ولا يجمعُ شملُ هذهِ الأمَّة إلَّا بتوحيدِ العقيدةِ وتوحيدِ الصُّفوفِ. وهذا لا يمكنُ إلَّا بالتمسُّكِ بالكتابِ والسنَّةِ وما عليهِ أئمَّةُ هذهِ الأمَّةُ في العقائدِ والأعمالِ (?).