فإنْ زعمَ مَنْ شَبَّهَ أولًا، وعطَّلَ ثانيًا، وشبَّه ثالثًا أيضًا، أنَّ الاستيلاءَ المزعومَ منزَّهٌ عنْ مشابهةِ استيلاءِ المخلوقينَ.
قلنا لهُ: نحنُ نسألك ونطلبُ منكَ الجوابَ بإنصافٍ: أيُّهمَا أحقُّ بالتَّنزيهِ عنْ مشابهةِ الخلقِ! الاستواءُ الذي مَدَحَ الله بهِ نفسَهُ في محكمِ كتابهِ وهو في نفسِ القرآنِ الذي يتلى، ولتاليهِ بكلِّ حرفٍ منهُ عشرُ حسنَاتٍ، لأنَّهُ كلامُ الله، أمِ الأحقُّ بالتَّنزيهِ هو الاستيلاءُ الذي جئتمْ بهِ منْ تلقاءِ أنفسكمْ منْ غيرِ استنادٍ إلى وحيِ؟.
ولا شَكَّ أنَّ الجوابَ الحقَّ: أنَّ اللَّفظَ الواردَ في القرآنِ أحقُّ بالتَّنزيهِ والحملِ على أشرفِ المعاني وأكملها، منَ اللَّفظِ الذي جاءَ بهِ معطِّلٌ مِنْ كِيسِهِ الخاص، لا مستندَ لهُ مِنَ الوحيِ!
وبهذهِ الكلماتِ القليلةِ يظهرُ لكمُ: «أنَّ مذهبَ السَّلفِ أسلمُ وأحكمُ وأعلمُ» (?) وأهدى إلى الطريق الأقوم. ومذهبُ الخلفِ - الذي هو التأويلُ - بدعةٌ أحدثها المنتحلونَ وتمسَّكَ بها المبطلونَ (?).
السؤالُ السابعُ
هل التحدُّث بآياتِ الصفاتِ وأحاديثها فيه تلبيسٌ على العامَّةِ وفتنةٌ لهم، وفيه تمزيقُ وحدة الأمَّةِ؟
اعلمْ - بارك الله فيك - بأنَّ المشتغلينَ بعلمِ الكلامِ ينكرونَ على السلفيينَ التحدُّثَ بأحاديثِ الصِّفاتِ، زاعمينَ أنَّهُ فتنةٌ على العامَّةِ، وفيه مِنَ الإضلالِ وتمزيقِ وحدة الأمَّةِ.
وهذا الكلامُ باطلٌ منْ وجهينِ:
الأولُ:
أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يتلو آياتِ الصِّفاتِ ويتكلَّمُ بكلامهِ الذي فيهِ خبرٌ عَنِ الله تعالى وصفاتهِ، وكانَ يغشاهُ عليه الحضريُّ والبدويُّ، فلو كانَ بيانُ توحيدِ الأسماءِ والصِّفاتِ تلبيسًا على العامَّةِ لم يتفوَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم بشيءٍ منْ ذلكَ.