السؤالُ الثالث
ما هو التعليقُ على قولِ الدسوقي: «أصولُ الكفرِ ستةٌ - وعدَّ خمسةً منها ثمَّ قال: سادسًا: التمسكُ في أصولِ العقائدِ بمجرَّدِ ظواهِرِ الكتابِ والسنَّةِ من غير عَرْضِها على البراهينِ العقليَّةِ والقواطعِ الشرعيةِ ... إلى أن قال: والتمسُّكُ في أصولِ العقائدِ بمجرَّد ظواهرِ الكتابِ والسنةِ من غير بصيرةٍ في العقلِ وهو أصلُ ضلاَلةِ الحَشَوِيَّةِ، فقالوا بالتَّشبيه والتَّجسيم والجهةِ عملًا بظاهرِ قولهِ تعالى: {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16]» (?).
ويا للهِ العجبُ! كيفَ كانَ الصَّحابةُ والتَّابعونَ قبلَ وضعِ هذهِ القوانينِ التي أتى اللهُ بنيانها مِنَ القواعدِ وقبلَ استخراج هذه الآراءِ والمقاييسِ والأوضاعِ هل كانوا مهتدينَ مكتفينَ بالنُّصوصِ أمْ كانوا على خلافِ ذلكَ؟ حتَّى جاء المتأخرونُ فكانوا أعلمَ منهم وأهدى وأضبطَ للشَّريعة منهم وأعلمَ باللهِ وأسمائهِ وصفاتهِ وما يجبُ لهُ وما يمتنعُ عليهِ منهم؟ فواللهِ لأنْ يلقى الله عبدهُ بكلِّ ذنبٍ ما خلا الإشراك لخيرٌ منْ أنْ يلقاهُ بهذا الظنِّ الفاسدِ والاعتقادِ الباطلِ (?).
والقولُ بأنَّ الأخذَ بظاهرِ الكتابِ والسنَّةِ منْ أصولِ الكفرِ لا يصدرُ البتةَ عنْ عالمٍ بكتابِ الله وسنَّةِ رسوله وإنَّما يصدرُ عمَّن لا علمَ لهُ بالكتابِ والسنَّةِ أصلًا، لأنَّه لجهلهِ بهما يعتقدُ ظاهرهما كفرًا والواقعُ في نفسِ الأمرِ أنَّ ظاهرهما بعيدٌ ممَّا ظنَّه أشدَّ منْ بعدِ الشمسِ مِنَ اللمسِ (?).
وهذا يتبيَّن منْ وجوهٍ:
الوجهُ الأولُ:
ينبغي أنْ يعلمَ بأنَّ كلَّ ما أخبرَ الله بهِ فهوَ حقٌّ، ويستحيلُ أنْ يلزمَ عليهِ باطلٌ.