السؤالُ الأولُ
اخْتَلَفَ رجلانِ فِي الاعْتِقَادِ؛ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّ اللهَ تَعَالَى فِي السّمَاءِ فَهُوَ ضَالٌ. وَقَالَ الآخَرُ: إنَّ الله لاَ يَنْحَصِرُ فِي مَكَانٍ فِبَيِّنُوا لَنَا مَا نَتَّبِعُهُ وَمَا الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ؟
قالَ شيخُ الاسلامِ رحمه الله: مَنِ اعتقدَ أنَّ الله تعالى فِي جوفِ السَّمَاواتِ محصورٌ محاطٌ بهِ، أو مفتقرٌ إِلَى العرشِ، أَوْ غيرِ العرشِ - مِنَ المخلوقاتِ - أَوْ أَنَّ استواءَهُ عَلَى عرشهِ كاستواءِ المخلوقِ عَلَى كرسيِّهِ؛ فَهُوَ ضالٌّ مبتدعٌ جاهلٌ.
ومَنِ اعتقدَ أنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ السَّمَاوَات إلهٌ يعبدُ، وَلاَ عَلَى العرشِ ربٌّ يصلَّى لَهُ ويسجدُ، وأنَّ محمَّدًا لَمْ يعرجْ بِهِ إِلَى ربِّهِ، وَلاَ نزلَ القرآنُ منْ عندهِ، فَهُوَ معطِّلٌ فرعونيٌّ، ضالٌّ مبتدعٌ؛ فإنَّ فرعونَ كذَّبَ موسى في أنَّ ربَّه فوقَ السَّموات، وقالَ: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأََظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: 36 - 37].
ونبيُّنا محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، صدَّق موسى عليه السلام، أنَّ ربَّهُ تعالى فوقَ السَّمواتِ، فلمَّا كانَ ليلة المعراجِ، وعرجَ بهِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ؛ وفرضَ عليهِ خمسينَ صلاةً؛ ذكرَ أنَّهُ رجعَ إلى موسى وقالَ لهُ: ارجعْ إلى ربِّكَ فاسألهُ التَّخفيفَ لأمَّتكَ.
فمنْ وافقَ فرعونَ وخالفَ موسى ومحمَّدًا عليهما الصَّلاةُ والسَّلامُ، فهوَ ضالٌّ؛ ومَنْ مثَّلَ اللهَ تعالى وشَبَّهَهُ بخلقهِ، فهو ضَالٌّ.