فلا حاجةَ بنا أنْ نقولَ: استوى على عرشه بذاتهِ (?)، وينزلُ إلى السَّماءِ بذاتهِ، كما لا نحتاجُ أنْ نقولَ خلقَ بذاتهِ، وقدَّرَ بذاتهِ، وسمعَ وتكلَّمَ بذاتهِ، وإنَّما قالَ أئمَّةُ السنَّةِ ذلكَ إبطالًا لقولِ المعطِّلةِ (?).
وممَّنْ صرَّحَ بالنزولِ بالذَّاتِ: الإمامُ ابنُ حامدٍ (?) والإمامُ عبدُ الجليلِ كوتاهُ.
قالَ الذهبي ُّرحمه الله: «قالَ السَّمعانيُّ: لما وردتُ أصبهانَ كانَ - كوتاهُ - ما يخرجُ منْ دارهِ إلَّا لحاجةٍ مهمَّةٍ، كانَ شيخهُ إسماعيلُ الحافظُ هجرهُ، ومنعهُ مِنْ حضورِ مجلسهِ لمسألةٍ جرتْ في النزولِ، وكانَ كوتاهُ يقولُ: النزولُ بالذَّاتِ، فأنكرَ إسماعيلُ هذا وأمرهُ بالرُّجوعِ عنهُ فمَا فعلَ» (?).
وهوَ في الحقيقةِ يوافقهُ على اعتقادهِ، لكن أنكرَ إطلاقَ اللَّفظِ لعدمِ الأثرِ بهِ (?).
قالَ الذهبيُّ معلِّقًا على قولِ كوتاه السَّابق: «ومسألةُ النزولِ فالإيمانُ بهِ واجبٌ، وتركُ الخوضِ في لوازمهِ أولى، وهوَ سبيلُ السَّلفِ، فما قالَ هذا: نزولهُ بذاتهِ، إلَّا إرغامًا لمنْ تأوَّلهُ، وقالَ: نزولهُ إلى السَّماءِ الدُّنيا بالعلمِ فقط، نعوذُ بالله منْ مراءٍ في الدِّينِ، وكذا قولهُ: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22] ونحوهُ، فنقولُ: جاءَ وينزلُ وننتهي عَنِ القولِ ينزلُ بذاتهِ، كما لا نقولُ ينزلُ بعلمهِ، بلْ نسكتُ ولا نتفاصحُ على الرسولِ صلى الله عليه وسلم بعباراتٍ مبتدعةٍ، والله أعلمُ» (?).