وفي ختامِ الرَّدِّ على الشُّبهاتِ الواردةِ على حديثِ التنزيلِ نقولُ وبالله التَّوفيق: إنَّ «الحقَّ الحقيقَ الذي ينبغي عليهِ التَّعويلُ أنْ نؤمنُ بما وصلَ إلينا عنْ طريقِ محمَّدٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأنَّ الله ينزلُ إلى السّمَاء الدُنْيَا حينَ يبقى الثلثُ الآخرُ مِنَ الليلِ، ويقولُ: منْ يدعوني فأستجيبَ له؟ منْ يسألني فأعطيهُ؟ منْ يستغفرني فأغفرَ له؟!
ولا يغترُّ بما فاهَ بهِ: جمعٌ منْ أهلِ الكلامِ، ورهطٌ منْ أصحابِ الأوهامِ؛ النَّاكبونَ عنِ الصِّراطِ السويِّ، والمنهجِ النبويِّ. الجامدونَ على سيرِ المنطقيينَ والمتفلسفينَ، فإنَّهم بمعزلٍ عنْ طريقةِ السَّلفِ الصَّالحينَ، وعلى مراحلَ شاسعةٍ عنْ منهاجِ المتقينَ، الذينَ يؤمنونَ بالغيبِ وممَّا رزقناهم ينفقونَ.
فدعْ عنكَ نهبًا صيحَ في حجراتهِ ... وهاتِ حديثًا ما حديثُ الرواحلِ» (?).
* * *
السؤالُ الأوَّلُ:
هل نقولُ ينزلُ بذاتهِ؟
والجوابْ أنْ يقالَ: إنَّ قوله صلى الله عليه وسلم: «يَنْزِلُ ربُّنَا تبارك وتعالى كُلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدُّنيا .. » خبرٌ وقعَ عنْ نفسِ ذاتِ الله تعالى لا عنْ غيرهِ. فإذا قلتَ: جاءَ محمَّدٌ، أي بنفسهِ جاءَ، لا مجرَّد أمرهِ وقصدهِ ونحو ذلكَ، ولله المثلُ الأعلى.
فقولهُ تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: 62]، هوَ خبرٌ عن ذاتِ الرَّبِّ تعالى فلا يحتاجُ المخبرُ أنْ يقولَ خالقُ كلِّ شيءٍ بذاتهِ. وقوله: {اللَّهُ رَبُّكُمْ} [يونس: 32]، قدْ علمَ أنَّ الخبرَ عنْ نفسِ ذاتهِ. وكذلكَ جميعُ ما أخبرَ الله بهِ عنْ نفسهِ إنَّما هوَ خبرٌ عنْ ذاتهِ.