وهذا الحَقُّ ليسَ بهِ خَفَاءُ ... فَدَعْنِي عن بُنَيَّاتِ الطَّرِيقِ
ومنْ حكَّمَ على عقلهِ الانقيادَ للكتابِ والسنَّةِ فقدِ فازَ، ومنْ دخلَ في التَّحريفِ والتَّأويلِ وضربِ الأمثالِ فقدْ خاطرَ بدينهِ (?) وهوَ «غيرُ مقتدٍ بالسَّلفِ، ولا واقفٌ في طريقِ النَّجاةِ، ولا معصومٌ عَنِ الخطأ، ولا سالكٌ في جادَّةِ السَّلامةِ والاستقامةِ» (?). ومنْ نبذَ الدينَ وراءهُ وحكَّمَ هواهُ وآراءَه ضلَّ عنْ سبيلِ المؤمنين، وباءَ بسخطٍ منْ ربِّ العالمينَ (?).
فمنْ خالفَ الوحيَ المبينَ بعقلهِ ... فذاكَ امرؤٌ قدْ خابَ حقًّا وقدْ خسرْ
وفي تركِ أمرِ المصطفى فتنةٌ فذرْ ... خلافَ الذي قدْ قالهُ واتْلُ واعتبرْ (?)
وأخيرًا: فإنَّ «منْ علمَ أنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم أعلمُ الخلقِ بالحقِّ، وأفصحُ الخلقِ في البيانِ، وأنصحُ الخلقِ للخلقِ، علمَ أنَّهُ قدِ اجتمعَ في حقِّهِ كمالُ العلمِ بالحقِّ، وكمالُ القدرةِ على بيانهِ، وكمالُ الإرادةِ لهُ. ومَعَ كمالِ العلمِ والقدرةِ والإرادةِ يجبُ وجودُ المطلوبِ على أكملِ وجهٍ، فيعلمُ أنَّ كلامَهُ أبلغُ ما يكونُ، وأتمُّ ما يكونُ، وأعظمُ ما يكونُ بيانًا لما بيَّنهُ في الدِّينِ منْ أمورِ الإلهيةِ وغيرِ ذلكَ.
فمنْ وقرَ هذا في قلبهِ لم يقدرْ على تحريفِ النُّصوصِ بمثلِ هذهِ التأويلاتِ التي إذا تُدِبِّرتْ وجدَ مَنْ أرادها بذلكَ القولِ منْ أبعدِ النَّاسِ عمَّا يجبُ اتِّصافُ الرسولِ صلى الله عليه وسلم بهِ» (?).
ومنْ ظنَّ أنَّ غيرَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم أعلمُ بهذا منهُ، أو أكملُ بيانًا منهُ، أو أحرصُ على هدى الخلقِ منهُ: فهوَ مِنَ الملحدينَ لا مِنَ المؤمنينَ (?).
* * *