وإنْ أردتم بالجسمِ ما يوصفُ بالصِّفاتِ، ويُرى بالأبصارِ، ويتكلَّمُ، ويُكَلَّمُ، ويسمعُ، ويبصرُ، ويرضى، ويغضبُ، فهذه المعاني ثابتةٌ للرَّبِّ تعالى وهوَ موصوفٌ بها، فلا ننفيها عنهُ بتسميتكم للموصوفِ بها جسمًا، ولا نردُّ ما أخبرَ بهِ الصَّادقُ عنِ الله وأسمائهِ وصفاتهِ وأفعالهِ لتسميةِ أعداءِ الحديثِ لنا حشويةٌ. ولا نجحدُ صفاتِ خالقنا وعلوَّهُ على خلقهِ واستواءهُ على عرشهِ؛ لتسميةِ الفرعونيَّةِ المعطِّلةِ لمنْ أثبتَ ذلكَ مجسِّمًا مشبِّهًا.
فإن كانَ تجسيمًا ثبوتُ استوائِهِ ... على عَرْشِهِ إني إذًا لَمُجَسِّمُ
وإنْ كانَ تشبيهًا ثبوتُ صِفَاتِهِ ... فمن ذلكَ التَّشْبِيهِ لا أَتَكَتَّمُ
وإنْ كان تنزيهًا جحودُ استوائِهِ ... وأوصافِهِ أو كَوْنِهِ يَتَكَلَّمُ
فعَنْ ذلكَ التَّنْزِيهِ نَزَّهْتُ رَبَّنا ... بِتَوْفِيقِهِ واللهُ أَعْلَى وأَعْلَمُ
وإنْ أردتم بالجسمِ ما يُشارُ إليهِ إشارةٌ حيَّةٌ، فقدْ أشارَ إليهِ أعرفُ الخلقِ بهِ بأصبعهِ رافعًا لها إلى السَّماءِ، يُشْهدُ الجمعَ الأعظمَ مشيرًا لهُ. وإنْ أردتم بالجسمِ ما يقالُ أينَ هو؟ فقدْ سألَ أعلمُ الخلقِ بهِ عنهُ بأينَ منبِّهًا على علوِّهِ على عرشهِ.
وإنْ أردتم بالجسمِ ما يلحقهُ «مِنْ» و «إِلىَ» فقدْ نزلَ جبريلُ منْ عندهِ، ونزل كلامهُ منْ عندهِ، وعرجَ برسولهِ صلى الله عليه وسلم إليهِ، وإليهِ يصعدُ الكلمُ الطيِّبُ، وعندهُ المسيحُ رفعَ إليهِ.
وإنْ أردتم بالجسمِ ما يكونُ فوقَ غيرهِ، ومستويًا على غيرهِ، فهو سبحانه وتعالى فوقَ عبادهِ مستوٍ على عرشهِ.
الرابعُ: