ماذا تعنونَ بقولكم «لو كانَ فوقَ العرشِ لكانَ جسمًا»؟ أتعنونَ بهِ أنَّهُ ما يتضمَّنُ مماثلةَ الله لشيءٍ مِنَ المخلوقاتِ في شيءٍ منْ صفاتهِ؛ فاللهُ سبحانهُ منزَّهٌ عنْ أنْ يوصفَ بشيءٍ مِنَ الصِّفاتِ المختصَّةِ بالمخلوقينَ، وكلُّ ما اختصَّ بالمخلوقِ فهوَ صفةُ نقصٍ، والله تعالى منزَّهٌ عَنْ كلِّ نقصٍ ومستحقٌّ لغايةِ الكمالِ، وليسَ لهُ مثلٌ في شيءٍ منْ صفاتِ الكمالِ فهوَ منزَّهٌ عَنِ النَّقْصِ مطلقًا، ومنزَّهٌ في الكمالِ أنْ يكونَ لهُ مثلٌ، كما قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * َلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ *} [الإخلاص 1 - 4]، فبيَّنَ أنَّهُ أحدٌ صمدٌ، واسمهُ الأحدُ يتضمَّنُ نفيَّ المثلِ، واسمهُ الصَّمدُ يتضمَّنُ جميعَ صفاتِ الكمالِ (?).
وإذا كانَ اللهُ ليسَ منْ جنسِ الماءِ والهواءِ، ولا الرُّوحِ المنفوخةِ فينا، ولا منْ جنسِ الملائكةِ، ولا الأفلاكِ، فلأن لا يكونَ منْ جنسِ بدنِ الإنسانِ ولحمهِ وعصبهِ وعظامهِ، ويدهِ ورجلهِ ووجههِ، وغيرِ ذلكَ منْ أعضائهِ وأبعاضهِ، أولى وأحرى (?).
وإنْ أردتم بالجسمِ المركَّبِ وهوَ مَا كانَ مفترقًا فركَّبهُ غيرهُ، كمَا تُركَّبُ المصنوعاتُ مِنَ: الأطعمةِ، والثيابِ والأبنيةِ، ونحو ذلكَ منْ أجزائها المفترقةِ. والله تعالى أجلُّ وأعظم منْ أنْ يُوصفَ بذلكَ، بلْ منْ مخلوقاتهِ ما لا يُوصفُ بذلكَ، ومنْ قالَ ذلكَ (?) فهوَ منْ أكفرِ النَّاسِ وأضلِّهم وأجهلهم وأشدِّهم محاربةً لله.
وإنْ أردتم بهِ «أنَّ الرَّبَّ مركَّبٌ مؤلَّفٌ بمعنى أنَّهُ يقبلُ التفريقَ والانقسامَ والتجزئةَ، فهذا منْ أكفرِ النَّاسِ وأجهلهم» (?).