أمَّا القولُ المتولِّدُ أخيرًا مِنْ أنَّهُ تعالى ليسَ فوقَ العرشِ، فهذا شيءٌ لا يعقلُ ولا يفهمُ، مع ما فيهِ منْ مخالفةِ الآياتِ والأخبارِ. ففرَّ بدينكَ، وإيَّاكَ وآراءَ المتكلِّمينَ، وآمنْ باللهِ وما جاءَ عَنِ الله على مرادِ الله، وفوِّض أمركَ إلى الله، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بالله (?).
ومنْ تدبَّر هذا كلَّهُ وتأمَّلهُ، تبيَّنَ لهُ أنَّ ما جاءَ بهِ القرآنُ منْ [إثباتِ علوِّ الله على خلقهِ] هو الحقُّ المعلومُ بصريحِ المعقولِ، وأنَّ هؤلاءِ خالفوا القرآنَ في أصولِ الدينِ: في دلائلِ المسائلِ، وفي نفسِ المسائلِ، خلافًا خالفوا بهِ القرآنَ والإيمانَ، وخالفوا به صريحَ عقلِ الإنسانِ، وكانوا في قضاياهم التي يذكرونها في خلافِ ذلكَ أهلَ كذبٍ وبهتانٍ، وإنْ لمْ يكونوا متعمِّدينَ الكذبَ، بل التبسَ عليهم ما ابتدعوهُ مِنَ الهَذَيَانِ (?).
الشُّبْهَةُ الثَّانِيَةُ
لو كانَ الخالقُ فوقَ العرشِ لكانَ حاملُ العرشِ حاملًا لمنْ فوقَ العرشِ فيلزمْ احتياجُ الخالقِ إلى المخلوقِ.
اعلمْ باركَ اللهُ فيكَ بأنَّ «غايةَ ما عندَ هؤلاءِ المتقعِّرينَ مِنَ العلمِ، عباراتٌ وشقاشقُ لا يعبأ الله بها، يحرِّفونَ بها الكلمَ عنْ مواضعهِ قديمًا وحديثًا، فنعوذُ باللهِ مِنَ الكلامِ وأهلهِ» (?).
والكلامُ المذكورُ فيه من الافتراء على تعالى ووصفهِ بالنقَائصِ ما يعلم بطلانهُ بصريح المعقولِ وصحيح المنقول.
والردُّ على الشُّبهةِ المذكورةِ منْ وجوهٍ:
الوجهُ الأولُ: