فهذا وأضْعافهُ وأضْعافُ أضْعافِهِ منْ لوازمِ قولِ المعطِّلةِ (?).
(الخامسةُ): أنْ يكونَ قدْ نزَّلَ بيانَ الحقِّ والصَّوابِ لهم ولمْ يفصحْ بهِ، بل رمزَ إليهِ رمزًا وألغزهُ إلغازًا لا يفهمُ منهُ ذلكَ إلَّا بعدَ الجهدِ الجهيدِ. وهذا ينافي ما وصفَ الله بهِ كتابهُ مِنَ التيسيرِ والبيانِ.
(السادسةُ): أنْ يكونَ قدْ كلَّفَ عبادهُ أنْ لا يفهموا منْ تلكَ الألفاظِ حقائقهَا وظواهرهَا، وكلَّفهم أنْ يفهموا منها مَا لا تدلُّ عَلَيهِ ولمْ يجعلْ معها قرينةً تفهمُ ذلكَ. فأيُّ تيسيرٍ يكونُ هناكَ وأيُّ تعقيدٍ وتعسيرٍ لم يحصلْ بذلكَ. وهذا تدْليسٌ وتلبيسٌ، ونقيضُ البيانِ وضدُّ الهدى، وهو بالألْغازِ أشْبهُ منه بالهدى والبيانِ. وكانَ بمنزلةِ مَنْ أرادَ أنْ يصفَ لعليلٍ دواءً قاتلًا، وأخبرهُ أنَّ فيهِ الشفاءَ والعافيةَ، وأرادَ منهُ أنْ يأخذَ من ألفاظِ ذلكَ الدواءِ ما لا يدلُّ عليهِ، بلْ على خلافهِ، فهلْ يكونُ (?) مثلُ هذا المداوي إلَّا في غايةِ الجهلِ والضَّلالِ، أو في غايةِ الإفكِ والبهتانِ والإضلالِ والتَّلبيسِ والتَّدليسِ؟! فلا بدَّ لكمْ منْ هذهِ اللوازمِ المذْكورةِ.
(السابعةُ): أنْ يكونَ خيرُ الأمَّةِ، وأفضلُها، وأعلمُها، وأسبقُها إلى كلِّ فضلٍ، وهدًى، ومعرفةٍ، وخيرُ القرونِ، قدْ أمسكوا منْ أوَّلهم إِلَى آخرهم عنْ قولِ الحقِّ فِي «الأمورِ الإلهيَّةِ، والحقائقِ الربَّانيَّةِ، التي هيَ أجلُّ المطالبِ العالية، وأعظمُ المقاصدِ السامية» (?)، وذلكَ إمَّا جهلٌ ينافي العلمَ، وإمَّا كتمانٌ ينافي البيانَ. ولقدْ أساء الظنَّ بخيارِ الأمَّةِ مَنْ نسبهمْ إِلَى ذلكَ، ومعلومٌ أنَّه إِذَا ازدوجَ التكلُّمُ بالباطلِ والسكوتُ عن بيانِ الحقِّ، تولَّدَ منْ بينهما جهلُ الحقِّ وإضلالُ الخلقِ.