الحاكم بين المتنازعين كتاب الله وسنة رسوله، لا ذوق أحد ورأيه

الفتوى والحكم على أقوالهم.

وغاية أحدهم أن يكون حضوره له من السعي المغفور، الذي يغفره الله له لصدقه وكثرة حسناته وحسن نيته، فأما أن يتخذ قُدوة وإمامًا فهذا باطل قطعًا، إذ ليس من أهل الاجتهاد ومن له قول بين أهل العلم.

الوجه السابع: أنَّه لو فرض أنَّه من أهل الاجتهاد، وممن يسوغ العمل بقوله، فقد خالفه من هو مثله أو أجلُّ منه، والحاكم بين المتنازعين كتاب الله وسنة رسوله، وما كان هو عليه وأصحابه.

فأما أن يُحكَّم ذوقُ أحدٍ وحالُه ووجده، ويُجعلَ إمامًا وقدوة بلا برهان من الله ورسوله، فهذا منشأ الضلال وهو من أكبر أسباب البعد من الله ومَقْته، فإنَّ الله لا يُتقرب إليه إلَّا بما يحبه ويرضاه، لا بما يذوقه كل أحد ويستحسنه ويهواه، وكيف يليق بمن يدعي محبة الله وإرادته، أن يتقرب إليه بما لم يشرعه على لسان حبيبه، وبما لا يحبه ويرضاه من القول والعمل والهدى؟ وهل هذا إلَّا عين البعد منه؟

وقد قال غير واحد من السلف (?): ادَّعى قومٌ محبةَ الله تعالى، فأنزل الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31]، فلم يقل: فارقصوا وغنُّوا واطربوا على صوت المزامير والشبابات، والألحان المطربات، بالتوقيعات والنغمات، فمن أضلُّ سبيلًا ممن يدَّعي محبة الله، ويزعم أنَّه يتقرب إليه بهذا السماع الشيطاني، الذي هو حظُّ النفس والشيطان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015