في الخروج عن العلَم من المهالك والمتالف. والله أعلم.

وقد سئل أبو علي الرُّوذْباري عن السماع فقال: ليتنا تخلَّصنا منه رأسًا برأسٍ (?). وهذا الكلام من مثل هذا الشيخ الذي هو من أجلّ مشايخ القوم الذين صحبوا الجنيد وطبقته، يدل على [أن] حضورَ الرجل منهم للسماع لا يدل على مذهبه واعتقاده، وهذا مما غَلِطَ فيه كثير منهم، فإن كثيرًا من المشايخ الذين نُقل عنهم إنما نُقِل عنهم حضوره، وذلك لا يدل على أن مذهبهم إباحته فضلًا عن استحبابه، فإن أحدهم قد يكون حضره معتقدًا إباحته، وقد يحضره معتقدًا كراهته، وقد يعتقد تحريمه ويحضره، فإنه ليس بمعصوم من المعصية. وقد يتأول وقد يُقلِّد من يراه جائزًا، وقد يعتقد التوبة منه بعد حضوره، وقد يأتي بحسناتٍ ماحية لذنبه، فمن أين لكم أن مجرد حضور الشيخ له يدلُّ على مذهبه واعتقاده وإباحته فضلًا عن استحبابه؟

فهذا أبو علي الروذباري كان يحضره، وقد قال فيه هذه المقالة، وتمنَّى أن يكون لا له ولا عليه، ولو كان عنده من جنس القُرُبات (?) والمستحبات لم يقل ذلك فيه، كما لا يقول قائم الليل وصائم النهار وتالي القرآن: ليتني تخلَّصتُ من ذلك رأسًا برأس، ولكن يتمنَّى الخلاص رأسًا برأسٍ لتقصيره وتفريطه فيما أُمِر به ونُهي عنه، ويرى أن هذه الطاعات لا تُنجِيه، فيودُّ أنها قابلتْ تفريطَه وسَيئاتِه، وراح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015