وكمالها بالإيمان، وقوة الإرادة والحب والعمل، وكمالها بالعمل الصالح، ولا يتم ذلك لها إلا بالصبر.
فصار ههنا ستة أمور: ثلاثة يفعلها في نفسه ويأمر بها غيره، تكميل قوته العلمية بالإيمان، والعملية بالأعمال الصالحة، والدوام على ذلك بالصبر عليه، وأمره لغيره بهذه الثلاثة، فيكون مؤتمرًا بها آمرًا بها متصفًا بها معلِّمًا لها داعيًا إليها، فهذا هو الرابح كل الربح، وما فاته من الربح بحسبه وحصل له نوع من الخسران، والله المستعان وعليه التكلان.
فصل
* قال صاحب الغناء: لا ندري ما غرضك بهذه الشواهد وتكثيرها؟ ولا ندري ما تعلقها بمسألة السماع وارتباطها بها نفيًا وإثباتًا؟
* قال صاحب القرآن: الغرض بهذه الشواهد التنبيه على فتح سماع القرآن وما يثيره من كنوز العلم والإيمان، والاستغناء عن فتح سماع الشعر وما يثيره من النفاق والشهوات، والموازنة بين هذا الذوق في القرآن الذي ذكر منه دون سَمِّ الخياط بالنسبة إلى ما وراءه وبين ذوق سماع الشعر، فهل يجد صاحب الغناء في سماعه لطيفةً من هذه اللطائف التي نبَّهنا عليها أدنى تنبيه؟ وهل يمكنه أن يستثمر من الغناء فائدة من هذه الفوائد التي تُنبِت الإيمان في القلب كما يُنبِت الماء البقل؟ فإن وجد شيئًا من هذا الذوق فليُفِدنا إيّاه وليضع فيه كتابًا أو أوراقًا، أفلا يستحيي العاقل من نفسه إن لم يَستَحْيِ من الله ورسوله