الغناء صوت الشيطان يستفز به بني آدم

دلالته على الذم والمنع أقرب من دلالته على الجواز والاستحباب

ساكنَه، وهذا لا يدل على جواز ولا تحريم ولا مدح ولا ذم، بل دلالته على الذم والمنع أقرب من دلالته على الجواز والاستحباب، فإن هذا يُفسِد النفوس أكثر مما يُصلِحها، ويضرها أكثر مما ينفعها، وإن كان فيه منفعة يسيرة فآفته ومضرته أكبر من نفعه، وقد قال تعالى للشيطان: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} [الإسراء: 64]، فالصوت الشيطاني يَستفِزُّ بني آدم، وصوت الشيطان كل صوت في غير طاعة الله، نُسِبَ إلى الشيطان لأمره به ورضاه به، وإلا فليس هو الصوت نفسه، فصوت الغناء وصوت النوح وصوت المعازف من الشبابات والأوتار وغيرها كلها من أصوات الشيطان، التي يَستفِزُّ بها بني آدم فيَستخِفُّهم ويُزعِجُهم. ولهذا قال السلف في هذه الآية: "إنه الغناء".

ولا ريبَ أنه من أعظم أصوات الشيطان التي يَستفِزُّ بها النفوسَ ويُزعِجها ويُقلِقها، وهو ضدُّ القرآن الذي تطمئن به القلوب وتسكنُ وتُخبِتُ إلى ربها، فصوت القرآن يُسكِّن النفوسَ ويُطَمْئِنُها ويُوقرها، وصوت الغناء يَستفِزُّها ويُزعِجُها ويُهيِّجُها، كما قيل:

حاملُ الهوى تَعِبُ ... يَستفِزُّه الطَّرَبُ

كلَّما انقضَى سببٌ ... عادَ منك لي سَبَبُ

تَضْحَكِينَ لاهيةً ... والمحِبُّ يَنْتَحبُ

تَعجَبِين من سَقَمِيْ ... صِحَّتِي هي العَجَبُ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015