اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة: 165]، فإن محبة الصور تعظم حتى تصير أندادًا وطواغيتَ يتدين بها أهلها، ويُشْرَبُ في قلوبهم أعظمَ من حب الذين أُشرِبوا في قلوبهم العجلَ. وكم بين محبة عجلٍ إلى محبة غزالٍ أغيدَ تَسبِيْ محاسنُه القلوبَ وتَأسِرُ العقول؟ فهؤلاء أُشرِبوا في قلوبهم الخِشْفَ، كما أُشرِبَ أولئك في قلوبهم العجلَ.
وهذا بخلاف من مالت نفسه إلى المحرمات مؤمنًا بأنَّ الله حرَّمها، ويَمقُتُ عليها، ويخاف عقابه على فعلها، وأنه لا يحبُّها محبةً محضة، بل عقله وإيمانه يُبغِض ذلك ويكرهه وينهى عنه، ولكن غلبة طبعه وهواه يدعوه إلى ارتكابها على خوفٍ ووجلٍ من الله، فهذا يُرجَى له رحمة الله، إما بأن يُوفِّقه لتوبة نصوح تُكفِّر عنه سيئاته، أو يستعمله في طاعة كثيرة وحسنات ماحيةٍ ترجح بسيئاته، وإما بمصائبَ يبتليه بها يُكفّر بها عنه، وإما بغير ذلك من الأسباب التي يرحمه بها. بخلاف من اعتقد أنَّ هذه المحبة لله، فإنَّ طباعه واعتقاده يتعاونان على قوتها وزيادتها، ويجتمع فيها داعي الطبع وما يعتقده من داعي الشرع، وهذا الداء العضال الذي هلك به من هلك، ونجا من سبقت له من الله الحسنى.
فصل
ومما ينبغي أن يُعلم أنَّ مجرد الحسن لا يُثِيبُ الله عليه ولا يعاقب، وليس في دين أحدٍ من الأنبياء محبةُ أحدٍ لحسنه، ولو كان الحسن مما يرفع الله به درجةَ صاحبه ويزيده به ثوابًا لكان يوسف الصديق أفضلَ من غيره من الأنبياء لحسنه. [وإذا] استوى شخصان في