باطل، فكون الشيء لذيذًا أو مشتهًى أو مما تستروح إليه النفوس لا يدل على كونه حلالًا ولا حرامًا، ولهذا ذمَّ الله من اتبع الشهوات وذمَّ من تقرب إليه بترك ما أباحه منها، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87]. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للنفر الذين قال أحدهم: أما أنا فأصوم ولا أفطر، وقال الآخر: أما أنا فأقوم ولا أفتر، وقال الاَخر: أما أنا فلا أتزوج النساء، وقال الاَخر: أما أنا فلا آكل اللحم فقال: "لكني أصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء وآكلُ اللحمَ، فمن رَغِبَ عن سنتي فليس مني" (?).

العمل لا يمدح أو يذم بمجرد اشتماله على اللذة وعدمها

والعمل لا يُمدح أو يُذَمّ بمجرد اشتماله على اللذة وعدمها، بل إنما يمدح منه ما كان للهِ أطوعَ، ولعامله في الدارين أنفعَ، سواء كان فيه لذة أو مشقة، فكم من لذيذ هو طاعة ومنفعة، وكم من مُشِقّ هو معصية ومضرة وبالعكس. والمناسب أن يُستدل بهذا على تحسين الصوت بالقرآن لا على تحسينه بالغناء، فإن الاستعانة بجنس اللذات على الطاعات والقربات مما جاءت به الشريعة، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: 51]، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ} [البقرة: 172].

وفي الصحيح (?): "إن الله ليرضَى عن العبد يأكل الأَكْلةَ يحمده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015