كون الصوت الحسن موجبا للذة أمر حسي، لا يحتاج إلى الاستشهاد بمثل هذه الحكاية ولا دليل فيه على إباحة السماع

حكاية في إباحة السماع.

وأهل المواجيد والفساق والمبطلون أعلم بهذه المسألة ولذةِ السماع وطِيبهِ من أئمة الدين الذين رفع الله في العالمين أقدارهم وأعلى منازلهم، فما لكم وللاستشهاد بهم في أمرٍ أنتم أعرف به منهم؟ وهلَّا استشهدتم بهم في حكم هذه المسألة ومحلِّها من الشرع كما استشهدنا بكلامهم؟ فإن (?) كون الصوت الحسن موجبًا للذة أمر حسي، لكن أي شيء في هذا مما يدل على الأحكام الشرعية من كونه مباحًا أو مكروهًا ومحرمًا أو كون الغناء طاعة وقربة؟ وهل هذا إلا نظير قول القائل: استلذاذُ النفوس للوطءِ أمر لا يمكن جحوده، ولذلك استلذُّوها بالنظر والمطاعم والمشارب والملابس، فأي دليل في هذا لمن هداه الله إلى ما يحبه الله ويرضاه ويأمر به ويأذن فيه؟ وهل هذا إلا شبهة للإباحية الذين خَلَعُوا رِبْقةَ الشريعة من أعناقهم، القائلين: ما الذي حالَ بين الخليقة وبين رسوم الطبيعة؟ ومن المعلوم أن جميع هذه الأجناس فيها الحلال والحرام والمعروف والمنكر.

ثم المناسب لطريقة الزهد والفقر والتصوف الاستدلالُ بذلك على كراهتها والبعد منها، وأن يستدل بكون الشيء لذيذًا مشتهًى على كونه مباينًا لطريق الإرادة والتصوف التي مبناها على الزهد في الحظوظ، وهذه الطريقة وإن لم تكن صحيحة في الشرع فهي أقرب إلى طريقتكم وأصولكم من الاستدلال بها على الإباحة والقربة، وكلا الاستدلالين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015