العاشر: رفع الصوت بالغناء

كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فكنا إذا علونا ارتفعت أصواتنا بالتكبير، فقال: "يا أيها الناس ارْبَعُوا على أنفسكم، فإنكم لا تَدْعُون أصمَّ ولا غائبا، إنما تدعون سميعًا قريبًا، إن الذي تدعونه أقربُ إلى أحدكم من عُنُقِ راحلته". وقد قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55]، وقال: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: 205]، وقال تعالى: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} [مريم: 3].

وقال الحسن البصري: "رفع الصوت بالدعاء بدعة" (?). ونص عليه الإمام أحمد وغيره. وقال قيس بن عُبَاد من كبار التابعين: "كانوا يستحبون خفض الصوت عند الذكر وعند الجنائز وعند القتال" (?). وهذه المواطن الثلاثة تطلب فيها النفوسُ الحركةَ الشديدة: عند الذكر والدعاء لما فيه من الحلاوة ومحبة ذكر الله ودعائه، وعند الجنائز بالحزن والبكاء، وعند القتال بالغضب والحميَّة. ومضرةُ رفع الصوت بذلك أعظم من منفعته، بل قد يكون ضررًا محضًا، وإن كانت النفس تشتفي به، وتبرَّأ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصالقة (?)، وهي التي ترفع صوتها بالمصيبة، فكيف بالمغنية التي ترفع صوتها بالغناء!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015